فن المجاز
  وحين تمكّن البشر من حفظ هذه الُمسمَّيات، وعرفوا طريقة استعمالها، وصارت عندهم واضحة القصد، بيّئة المعنى والمراد انتقلوا إلى مرحلة جديدة من التعبير، وساعدهم على هذه النُّقلة تفتُّح المدارك واتساعها، وكثرة المعارف وتشعّبها، وزيادة الثقافة وتعمقها، وعوامل أخرى كثيرة ...
  هذه المرحلة كانت معالمها على الشكل التالي:
  تصوّر الإنسان (البحر) فرآه واسعاً، عميقاً، لا قرار له، فيه الدُّر، وفيه الصَّدف، وفيه الموج، وفيه ما ينفع، وما يضر
  ورأى في بعض الناس صفاتٍ تشبه صفاتِ البحر، فيهم السَّعة في المعارف، والعُمق في التفكير، ويتكلمون كلاماً رائعاً يأخذ بمجامع القلوب، كما يتحدثون - إن أرادوا - بكلام عاديَّ بسيط، ويغضبون فيكون غضبهم كالنار، ويرضون فيكون رضاهم كالعسل المصفَّى، ويُعطُون فلا يكون لعطائهم حدّ، وهكذا
  لقد اشترك البحر وهذا الإنسان المعيّن بصفات متشابهة. إذن، فما الذي يمنعهم من أن يطلقوا على هذا الإنسان كلمة (البحر)؟
  ***
  والشمس:
  إنها تعني في مُسمّاها الأصيل، الكوكب العالي الذي يُشرق في الصباح، فيُحيلُ الظلام نوراً، والبرد القارس دفئاً، أو حرَّا، ويغيب في المساء فيعود النورُ ظلاماً، والدفءُ برداً وهذا الكوكبُ المنيرُ العالي سببٌ في انبثاق