البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 84 - الجزء 2

  لنأخذ مثلاً ثالثاً زيادة في التوضيح.

  قال الشاعر:

  أَعْمَيْرُ إِنَّ أَباكَ غَيْرَ رَأْسَهُ ... مرَّ الليالي واختلافُ الأعصُرِ

  الشاهد في هذا البيت (غَيَّرَ رَأْسَهُ مَرُّ الليالي) ومعنى (غَيَّرَ رَأْسَهُ) أي لَوْنَ شَعْرَ رَأسِهِ فَحَوَّلَه من السواد إلى البياض، وقد أسند الشاعر تغيير لون الرأس إلى مرور الليالي وتواليها، وهذا لا يُشيب، وإنما الذي يفعلُ الشيب هو ضعف أصول الشَّعر ومواطن غذائه. ولكن لمّا كان مرّ الليالي وتعاقبها سبباً في هذا الضعف أسند تغيير لون الشعر إلى مرّ الليالي. ففي هذا الإسناد مجازٌ عقليّ علاقته السببيّة.

٢ - العلاقة الزمانية

  قال أبو الطيّب المتنبي هذه القصيدة بمصر، ولم ينشدها كافوراً⁣(⁣١)

  صحب الناسُ قبلنا ذا الزمانا ... وعناهم من شأنه ما عنانا

  وتَوَلَّوْا بِغُصَّةٍ كلُّهم مِنـ ... ـهُ وإن سر بعضهم أحيانا

  رُبَّمَا تُحْسِنُ الصَّنِيع لياليـ ... ـه ولكن تُكَدِّرُ الإحسانا

  وكأَنَّا لم يَرْضَ فينا بِرَيْبِ الدِّ ... هُرٍ حَتى أَعَانَهُ مَنْ أَعَانا

  كلَّما أنبت الزمانُ قناة ... ركَّب المرءُ في القناة سِنانا

  لنأخذ من هذه الأبيات ثلاثة مقاطع:


(١) انظر ديوان المتنبي ص ٤٧٤ طبعة صادر.