البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 85 - الجزء 2

  ١ - وَإِنْ سَرَّ بعضهم أحيانا

  ٢ - ربما تُحْسِنُ الصَّنِيع لياليه

  ٣ - كلما أنبت الزمانُ قناةً

  نلاحظ أن الشاعر أسند الفعل (سرَّ) إلى ضمير الزمان المستَتر، كما أسند في المقطع الثاني الفعل (تُحْسِنُ) إلى الليالي، وأسند في المقطع الثالث الفعل (أَنَبتَ) إلى الزمان.

  الزمان في عُرفنا هو توالي الليل والنهار، وتتابع الأيام والسنين والقرون والدهور

  هذا الزمان أمر معنويّ، نشعُرُ به، ولكنّا لا نستطيعُ لمسه، أو ذَوقه، أو شمَّه.

  إنه مرتبطٌ بهذه الحياة، ومن عليها، وما عليها يُولد الإنسانُ طفلاً ... وتتوالى الأيام، فإذا هو فتى، فمراهقٌ، فشابٌّ، فكهلٌ، فعجوز ثم يموت ويدفن تحت التراب.

  ويكون الربيعُ، فينبتُ العشب، ويُورق الشجر، وتَمْتَلِيُّ الدنيا زهراً وَوَرْداً ثم يتبعه الصيف، فتثمر الثمار، وينضج القمح والزرع، ويتمّ الحصاد ويأتي الخريف، فتصفرُّ الأوراق، ثم تذوِي، وتتساقط على الأرض، وتذروها الرياح، ويحرُث الفلاحون أراضيهم، ويلقون فيها البُذور، ثم يغطّونها بالتراب ... ويقدم الشتاء، فتكثر الأمطار، والرعود والبروق، وتعصف العواصف، ويشتد البرد ثم يأتي الربيع فإذا الأرض عالَمٌ جديد ... وهكذا

  إسناد تلك الأفعال التي ذكرناها إلى الزمان، أو إلى الليالي، ليس إسناداً حقيقياً وإنما هو إسناد مجازيّ ... علاقته الزمانية ...