البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الثاني فن المجاز

صفحة 121 - الجزء 2

  حبيبه وأبقى الحديث دوّاراً على المشبه به، وهو الظبية؟

  ألسنا نتلمس أثر العيون الساحرات وفعلها، وأنها كالسهام المصوَّبة؟ وأن الشاعر حذف المشبه المتمثل في أثر العيون وأبقى الحديث عن المشبه به ... كأن هذا هو عين ذاك. لا فرق بينهما لأنها من جنس واحد؟

  تلك هي الاستعارة التصريحية: يحذف فيها المشبه ويصرح فيها بذكر المشبه به.

  ***

  أما الاستعارة المكنية ففيها يُحْذَفُ المشبه به ويُرْمَزُ إليه بشيء من لوازمه.

  لنضرب على ذلك الأمثلة:

  أنشد الشاعر عمر أبو ريشة⁣(⁣١) في إحدى المناسبات الوطنية قصيدة تغنَّى فيها بجلاء المستعمر عن وطنه سورية، كما تغنى بالتاريخ العربي الحافل بالأمجاد، وقارن ذلك كله بالواقع الأليم الذي تعيشه فلسطين وتفاءل بالمستقبل العربي، فقال:

  أين في القُدْسِ ضُلوع غَضَةٌ ... لم تُلامسها ذُنَابَى عَقْرَب؟

  وقف التاريخ في محرابها ... وقفة المرتجف المضطرب

  كم روى عنها أناشيد النُّهى ... في سماع العالم المستغرب


(١) شاعر عربي من حلب، درس هندسة النسيج في انكلترا، لكن ميوله الأدبية طغت على تخصصه العلمي ... شغل مناصب متعددة في حياته، ولا سيما في وزارة الخارجية السورية، حيث كان سفيراً لبلاده في الهند، وأمريكا الجنوبية، والولايات المتحدة له عدة دواوين مطبوعة.