بين الفصاحة والبلاغة
  قواعد اللغة العربية وقوانين صرفها.
  إن في النحو العربي موسيقا يدركها كل ذي ذوق رفيع، وإن في صيغ مفرداتها رَنّةٌ لا أحلى منها ولا أعذب، والخطأ في النحو أو الصرف شبيه بوقوع العازف في النشاز، يدركه ذو الأذن الموسيقية المرهفة والإحساس النامي.
  لقد عاب العلماء أبا النجم(١) حين قال:
  الحمد لله العلي الأَجلَلِ ... الواحد الفرد القديم الأزل(٢)
  إذ من واجبه أن يقول: «الأجلّ» لأن العربية تفرض هذا.
  وعابوا أبا الطيب المتنبي حين مدح سيف الدولة بقوله:
  فإن يَكُ بعض الناس سيفاً لدولةِ ... ففي الناس بوقات لها وطبول(٣)
  لأن «بوق» يجمع على «أبواق». ومن الخطأ جمعه على «بوقات».
  ***
  أما التركيب البليغ فهو التعبير الواضح المعنى، واليسير عند النطق به، والخالي من الإعادة والتكرار.
  وضوح المعنى شرط لبلاغة الكلام والإخلال به يُوقع القارئ في متاهة لا يدري كيف يسلك سبلها.
(١) أبو النجم: هو الفضل بن قدامة من رجال الإسلام والفحول المتقدمين في الطبقة الأولى منهم. وله مع هشام بن عبد اللمك أخبار طويلة. وكانت وفاته آخر دولة بني أمية سنة ١٣٠ هـ / ٧٤٧ م. الأعلام ٣٥٧/ ٥.
(٢) ورد هذا البيت في نوادر أبي زيد الأنصاري. ص ٤٤، وفي الخصائص ٣/ ٨٧، والمنصف لابن جنّي، ٣٣٩/ ١، ومعاهد التنصيص ٧/ ١، وديوان أبي النجم ص ٨.
(٣) ديوان المتنبي ص ٣٥٥، ومطلع القصيدة: «لَيَاليَّ بعدَ الظَّاعنينَ شُكُولُ».