الباب الثاني فن المجاز
  استعمالاً مجازياً لمن يقدّم النصح لمن لا يفهمه أو لا يعمل به، لعلاقة المشابهة بين التركيبين، والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي عقلية.
  بعبارة أخرى: شبهنا حال من يقدم النصح لمن لا يفهمه أو لا يعمل به بحال من ينثر الدر أمام الخنازير، بجامع أن كلا الطرفين لا ينتفع بالشيء النفيس الذي يٌلقى إليه. ثم استعرنا التركيب الدالّ على المشبه به للمشبه، على سبيل الاستعارة التمثيلية. والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي قرينة حالية تفهم من سياق الكلام.
  لنأخذ مثالاً ثالثاً
  ومن يجعل الضَّرعام للصَّيْدِ بازهُ ... تَصَيَّدَهُ الضرغام فيما تصيَّدا
  نقول هذا البيت للتاجر الأحمق الذي اختار مشرفاً على متجره غير أمين، فتهبه واغتال أمواله ...
  المعنى الأصيل للبيت أن من اتخذ الأسد وسيلة للصيد، افترسه الأسد في جملة ما افترس. والشاعر المتنبي - قائل البيت - لم يقصد المعنى الأصيل للبيت، وإنما قصد معناه المجازّي المتمثل في التاجر الذي اختار رجلاً غير أمين، فنهبه وسطا على أمواله ... والذي دعا الشاعر إلى هذا: علاقة المشابهة في كلَّ من الحالين.
  نقول في تحليل البيت بلاغياً:
  شبه الشاعر حال التاجر الذي اختار مشرفاً غير أمين على متجره، فنهبه وسطا على أمواله بحال الرجل الذي اتخذ الأسد وسيلة للصيد، فافترسه في جملة ما افترس من الصيد، بجامع سوء البصر بما يستخدم، ورجاء الخير مما طُبع على الشر والأذى. ثم حذف المشبه، واستعار التركيب