البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الثاني فن المجاز

صفحة 138 - الجزء 2

  الدال على المشبه به للمشبه، على سبيل الاستعارة التمثيلية. والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي حالية تفهم من سياق الكلام.

  مثال رابع:

  يقول المثل العربي: (قَبْلَ الرِّمَا تُمْلَأُ الكَنَائِنُ).

  يُضرب هذا المثل لمن يريد بناء بيت، أو القيام بعمل أو التقدم لا متحان ... قبل أن يستعد له من إيجاد المال الكافي، أو الوسائل النافعة، أو الاجتهاد المتين ...

  معنى المثل الحقيقي أن الرجل العاقل يملأ كنانته وهي وعاء السهام - بالسهام الكثيرة قبل أن يبدأ بالرمي.

  لكنا حين تستخدم هذا المثل لا نقصد به المعنى الحقيقي ... الأصيل، وإنما تستخدمه في الرجل الذي يُقدم على أمر جللٍ، دون أن يتّخذ له الاستعدادات الكافية والمجدية ... والذي يُجيز لنا هذا الاستخدام علاقة على شيء دون استعداد، المشابهة بين الرجل الذي يقدم، وبين من مَنْ يُقدم على الرمي قبل أن يملأ جعبته بالسهام.

  نقول في تحليل المثل بلاغياً

  شُبهت حالُ من يُقدم على عمل عظيم دون أن يتخذ الاستعدادات الكافية له بحال من يُقدم على رمي السهام قبل أن يملأ جعبته بالسهام الكثيرة بجامع التعجل في الأمر قبل إعداد عدته. ثم حُذف المشبه، واستُعير التركيبُ الدال على المشبه به للمشبه، على سبيل الاستعارة التمثيلية. والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي حالية تفهم من سياق الكلام.

  ***