البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الثالث فن الكناية

صفحة 176 - الجزء 2

  أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أَنَّ الحب منكتم ... ما بين منسجم منه ومضطرم

  لولا الهوى لم ترق دمعاً على طلل ... ولا أرقت لِذِكْرِ البَانِ والعلم

  فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت ... به عليك عدول الدمع والسقم

  وأثبت الوجدُ خَطَّيْ عبرةٍ وضَنَى ... مِثلَ البَهَارِ عَلى حَدَّيْكَ والعنم

  نعَمْ سَرَى طَيْفُ مَنْ أَهْوَى فَأَرْقَنِي ... والحب يعترض اللذات بالألم

  يا لائمي في الهوَى العُدْرِي معذرة ... مني إليك ولو أنصفت لم تلم

  عَدَتْكَ حالي لا سري بمستتر ... عن الوُشَاةِ وَلا دَائِي بِمُنْحَسِم

  مَحْضَتَنِي النَّصْحَ لكن لستُ أسْمَعُهُ ... إِنَّ المُحِب عن العذال في صمم

  من هم جيرانه بذي سلم، ولماذا بكى المحب دمعاً ممزوجاً بدم حين أومض البرق من جهة كاظمة وإضم؟ ولماذا يأمر عينيه بالتوقف عن البكاء فتزيدان بكاء، ويأمر قلبه بالإفاقة فيزداد خفقاناً وهياماً؟

  ما هذا الحب الذي يحمله الشاعر ولماذا يطير النوم من عينيه إذا ذكرت له البانُ والعلم؟

  من هو هذا المحبوب الذي يؤرقه ويكحل عينيه بالسهاد؟

  ولماذا كل هذه النجوى؟

  أتراها موجهة إلى فتاة آدمية من لحم ودم، أم أن حب الشاعر من نوع. لم يعرفه معظم الناس؟

  ظاهر الأبيات حب عذري عنيف ... أما واقعها فرموز دالة على حبيب عظيم ... اسمه محمد بن عبد الله رسول الله وحبيبه ... . إذن، لقد كثر الرمز في أشعار المتصوفة ومداح الرسول .