البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الأول جماليات في النظم والمعنى

صفحة 20 - الجزء 3

  اللغوية، و «درر النحور في مدح الملك المنصور» وهي المعروفة بالأرتقيات، و «صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء» و «الخدمة الجليلة».

  أما بديعيته التي سماها «الكافية البديعية في المدائح النبوية» فمطلعها:

  إن جئت سلعاً فسل عن جيرة العلم ... واقر السَّلام على عرب بذي سلم

  وقد شرحها بنفسه وأسمى الشرح «النتائج الإلهية في شرح الكافية البديعية في المدائح النبوية». وقد قال في مقدمة الشرح ... «فجمعت ما وجدت في كتب العلماء «وكان يقصد فنون البديع»، وأضفت إليه أنواعاً استخرجتها من أشعار القدماء، وعزمت على أن أؤلف كتاباً محيطاً بجلها، إذ لا سبيل إلى الإحاطة بكلها ...».

  وإن دل هذا النص على شيء فإنَّما يدل على رغبة الحلي بتأليف كتاب يجمع فيه ألوان البديع التي ذكرها العلماء قبله، والألوان التي اكتشفها هو أو ابتدعها.

  لكن نظم هذه الأنواع في قصيدة كان سببه ما جاء في النص التالي الذي ذكره الحلي في شرحه قال: «فعرضت لي علة طالت مدتها، وامتدت شدتها، واتفق لي أني رأيت في المنام رسالة من النبي # تتقاضاني المدح، وتَعِدُنِي البرء من الأسقام، فعدلت عن الكتاب إلى نظم قصيدة تجمع شتات البديع، وتتطرز بمدح مجده الرفيع، فنظمت مائة وخمسة وأربعين بيتا، كما أنه ليس لنا أن ننكر من البحر البسيط».

  ليس لنا أن ننكر قصة هذه الرؤيا في المنام قصة رؤيا البوصيري، لأنا نفترض الصدق في الرجلين الصالحين التقيين ولأن مثل هذه الرؤى غير مستغربة ولا مستنكرة لو حدثنا بها إنسان عادي، فكيف إذا كان المحدث مريضاً، وتقياً، وكثير التضرع والابتهال. وعالماً وشاعرا؟

  إنا نميل إلى تصديق البوصيري، وإلى تصديق صفي الدين، ومن ثم إلى تصديق انقياده لما أمر به في المنام، ولو كنا مكانه، وتلقينا مثل الإشارة التي تلقى، إذن لسمعنا واطعنا، وكيف لا نفعل ذلك، والإشارة تأتي من قبل رسول الله ، بل أَلَمْ يقُل الإمام الشافعي، ¥:

  لو كان حبك صادقا لاطعته ... إِنَّ المُحِب لمن يُحِبُّ مُطِيعُ