المبالغة
  وفرَّق العلماء في التعريف والتسمية بين المبالغة المقبولة وغير المقبولة.
  فقالوا المبالغة ثلاثة أقسام: مبالغة، وإغراق، وغلو.
  فالمبالغة هي الإفراط في وصف الشيء بما هو مقبول عقلاً وعادة.
  والإغراق هو الإفراط في وصف الشيء بما هو مقبول عقلاً، ومرفوض عادة.
  والغلو: هو الإفراط في وصف الشيء بما هو مرفوض عقلاً وعادة.
  فلو قال قائل: شربت اليوم عشرين ليتراً من الماء فهو مقبول عقلاً وعادة في حالة الحر الشديد والظمأ القاتل وهذه هي المبالغة.
  ولو قال: شربت اليوم مائة ليتر من الماء، فهو إغراق. يقبله العقل وترفضه العادة.
  ولو قال شربت اليوم برميلاً كاملاً من الماء، فهو غُلُو. يرفضه العقل. والعادة.
  ***
المبالغة بين القبول والرفض
  هذه المبالغة بألوانها الثلاثة أدرجها علماء البلاغة في حقل «التحسين المعنوي» من علم البديع.
  وتحدث عنها معظم النقاد، ووقفوا منها جملة أو تفصيلاً مواقف متباينة، بل متضادة في أحيان كثيرة، فبينما يحبذها فريق، ويدعو إليها، ويرغب فيها، ويرى أنَّ فحول الأدباء من شعراء وكتاب هم الذين يتعاطونها ويتسابقون في مضمارها. يقف فريق آخر موقفاً مضاداً فيرى أنَّها سمة من سمات عجز من يلجأ إليها، وأنه لولا قصور همته عن اختراع المعاني المبتكرة ما لجأ إليها، ولاذ في ظلالها، لأنها - حسب رأيه - في صناعة الشعر كالاستراحة من الشاعر، إذا أعياه إيراد المعاني الغريبة شغل الأسماع بما هو مُحال وتهويل.