علوم البلاغة بين التطور والتاريخ
علوم البلاغة بين التطوّر والتاريخ
  تكاد معظم كتب البلاغة المتداولة بين أيدي المتعلمين في العصر الحديث تتفق على تقسيم هذا العلم إلى ثلاثة أقسام: علم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع؛ حتى ليوشك المرء أن يعتقد أن البلاغة في أصلها متفرعة إلى هذه الأقسام، وأنه لا يمكن دراستها إلا عن هذه السبيل وحدها.
  ولو رجعنا إلى كتب القدماء المتصلة بموضوع البلاغة لرأيناها على صور شتى، وطرائق في التأليف مختلفة كل الاختلاف عن كتب المعاصرين وأساليبهم.
  فابن المعتز(١)، هو أوّل من ألف كتاباً مستقلاً في هذا الموضوع، وأسماه البديع جَمعَ تحت هذا العنوان فن الاستعارة، والتجنيس، والمطابقة، وردّ أعجاز الكلام على ما تقدّمها، والمذهب الكلامي. وهي بحوث تتوزّعها الكتب الحديثة في علم البيان تارة، وعلم المعاني تارةً أخرى، وعلم البديع حيناً.
  كذلك شأن العلماء الذين سبقوا ابن المعتز أو عاصروه، أو تأخروا عنه بضعة قرون، فلقد كانوا يضمّنون بحوث البلاغة خلال دراسة الإعجاز
(١) اسمه: عبد الله بن محمد المعتز بالله، ابن المتوكل ابن المعتصم، ابن الرشيد. شاعر مبدع، خليفة يوم وليلة ولد في بغداد وأولع بالأدب، ورحل إلى البادية بطلبه، له مؤلفات كثيرة وديوان شعر. ت ٢٩٦ هـ / ٩٠٩ م. الأعلام ٢٦١/ ٤.