الطباق والمقابلة
  لم يكن طباق. فلو جمعنا بين الخبز والماء، أو الغناء والركض، أو الرسم والموسيقى، أو العلم والمال، وما شابه هذه الثنائيات ما جاز لنا أن نُسمّي ذلك طباقاً، ولو كان في هذه الثنائية ما يشف عن أثر ضئيل من آثار الطباق، من ذلك قول أبي الطيب(١):
  لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور مُحِب أو إساءة مجرم
  فالمحب يضاده ويقف تجاهه: المبغض، وليس المجرم.. وهذا من فاسد الطباق.
التدبيج
  يفرد علماء البلاغة لهذا العنوان بحثاً مستقلاً، ويوردون ذكره كذلك في بحث «الطباق».
  فالتدبيج: مشتق من الديباج، وهو نوع ممتاز من أنواع الحرير، فكأنهم يشيرون بهذه التسمية إلى موقعه العظيم، ورونقه البديع في الكلام
  ويذكرون أنه يرد في الكلام على وجهين.
  الأول: أن يرد في مقام المدح كقول أبي تمام في رثاء الطوسي(٢):
  تردى ثياب الموت حمراً فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر
  يعني: أنه لبس ثياب الدنيا، وهي حمر من دماء الجهاد، ثم استشهد بعد ذلك فما أتى الليل إلا وقد فارقت روحه هذه الدنيا، وصار إلى الجنة مرتدياً ثياباً سندسية من عبقري الجنان وجمال البيت جاء من استخدام اللونين الأحمر والأخضر استخداماً رائعاً.
  ومثل ذلك قول ابن حيوس(٣):
(١) من قصيدة يمدح بها كافورا، مطلعها: «فراق ومن فارقت غير مذمم».
(٢) من قصيدة يرثي بها محمد بن حميد الطوسي، ومطلعها: «كذا فَلْيَجِلَّ الخَطْبُ وليفدح الأمر» قال صاحب معاهد التنصيص ٢/ ١٩٧٢ ما نصه: ولو قال أبو تمام: تردى ثياب الموت حمرا فما اختفى عن العين إلا وهي من سندس خضر لكان أبلغ في القصد وأبدع، فإن الميت إذا غيب بالدفن عن الأعين تبدلت أحواله إلى خير أو شر.
(٣) هو محمد بن سلطان الغنوي من شعراء الدولة المرداسية بحلب. توفي سنة ٤٧٣ هـ.