البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الطباق والمقابلة

صفحة 51 - الجزء 3

  وقول كثير⁣(⁣١):

  فواعجبا كيف اتفقنا فناصِح ... وفي ومطوي على الغل غادر

  ومن لطيف هذه المقابلات التي تضع اثنين مقابل اثنين ما حكي عن محمد بن عمران الطَّلحي إذ قال له المنصور: «بلغني أنَّك بخيل» فقال «يا أمير المؤمنين ما أجمدُ في حق، ولا أذوب في باطل».

  ومثال مقابلة ثلاثة بثلاثة قول المتنبي⁣(⁣٢):

  فلا الجودُ يفني المال والجد مقبل ... ولا البخل يبقي المال والجدُّ مدير

  فالمقابلة على الترتيب بين «الجود ويفني ومقبل» و «البخل ويبقي و مدبر» وقول أبي دلامة⁣(⁣٣):

  ما احسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

  فقد قابل بين «أحسن وأقبح، والدين والكفر، والدنيا والإفلاس».

  ومنه البيت الثاني من قول الشاعر:

  إذا جاءت الدنيا عليك فجد بها ... على الخلق طرا إنها تتقلب

  فلا الجودُ يفنيها إذا هي أقبلت ... ولا البخل يبقيها إذا هي تذهبُ

  وقول أبي تمام:

  يا امة كان قبح الجور يسخطها ... دهراً فأصبح حسن العدل يُرضيها

  ومثال مقابلة أربعة بأربعة قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ٩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ١٠}⁣[الليل] وقد قابل بين (أعطى وبخل، واتقى


(١) ديوانه ص ٥٢٨.

(٢) لم يرد هذا البيت في ديوانه.

(٣) اسمه زند بن الجون، من مخضرمي دولة بني امية والعباس، وكان الحلفاء العباسيون يستطيبون نوادره و مجالسه، ويروى ان المنصور سأله عن شعر بيت قالته العرب في المقابلة، فقال: بيت يلعب به الصبيان، قال: وما هو على ذلك؟ فأنشده البيت. العمدة ١٥/ ٢ ومعاهد التنصيص ١/ ٢٠٨ «في العمدة ينسب البيت إلى غير أبي دلامة».