الطباق والمقابلة
  وقول كثير(١):
  فواعجبا كيف اتفقنا فناصِح ... وفي ومطوي على الغل غادر
  ومن لطيف هذه المقابلات التي تضع اثنين مقابل اثنين ما حكي عن محمد بن عمران الطَّلحي إذ قال له المنصور: «بلغني أنَّك بخيل» فقال «يا أمير المؤمنين ما أجمدُ في حق، ولا أذوب في باطل».
  ومثال مقابلة ثلاثة بثلاثة قول المتنبي(٢):
  فلا الجودُ يفني المال والجد مقبل ... ولا البخل يبقي المال والجدُّ مدير
  فالمقابلة على الترتيب بين «الجود ويفني ومقبل» و «البخل ويبقي و مدبر» وقول أبي دلامة(٣):
  ما احسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
  فقد قابل بين «أحسن وأقبح، والدين والكفر، والدنيا والإفلاس».
  ومنه البيت الثاني من قول الشاعر:
  إذا جاءت الدنيا عليك فجد بها ... على الخلق طرا إنها تتقلب
  فلا الجودُ يفنيها إذا هي أقبلت ... ولا البخل يبقيها إذا هي تذهبُ
  وقول أبي تمام:
  يا امة كان قبح الجور يسخطها ... دهراً فأصبح حسن العدل يُرضيها
  ومثال مقابلة أربعة بأربعة قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ٩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ١٠}[الليل] وقد قابل بين (أعطى وبخل، واتقى
(١) ديوانه ص ٥٢٨.
(٢) لم يرد هذا البيت في ديوانه.
(٣) اسمه زند بن الجون، من مخضرمي دولة بني امية والعباس، وكان الحلفاء العباسيون يستطيبون نوادره و مجالسه، ويروى ان المنصور سأله عن شعر بيت قالته العرب في المقابلة، فقال: بيت يلعب به الصبيان، قال: وما هو على ذلك؟ فأنشده البيت. العمدة ١٥/ ٢ ومعاهد التنصيص ١/ ٢٠٨ «في العمدة ينسب البيت إلى غير أبي دلامة».