البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الأول جماليات في النظم والمعنى

صفحة 67 - الجزء 3

  لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي اللثات وفي اسنانها شنب⁣(⁣١)

  فانكسر الكميت⁣(⁣٢).

  كما يُروى أن عمر بن لجأ، وهو الذي اتهمه جرير بعدم مراعاة النظير في جر العجوز وجر العروس، فاخر أحد الشعراء، وقال له أنا أحسن منك، فقال ومم ذلك؟ قال عمر: لأني أقول البيت وأخاه، وأنت تقول البيت وابن عمه.

  وروي كذلك أن شخصاً قال لرؤبة بن العجاج: رأيت اليوم ابنك عقبة ينشيد شعراً له أعجبني، فقال رؤبة، نعم إنه يقول، ولكن ليس لشعره قرآن⁣(⁣٣) يريد أن أبياته تتوالى متباعدة، كأنما لا يضمها سياق.

  ويسوق صاحب الأغاني كثيراً من ملاحظات ابن ابي عتيق والسيدة سكينة بنت الحسين على أشعارهم⁣(⁣٤)

  وكان بعض الخلفاء بدمشق وخاصة عبد الملك بن مروان يعلقون على ما يسمعونه بملاحظات طريفة. من ذلك أن ابن قيس الرقيات أنشد عبد الملك قصيدته البائية فيه، فلما انتهى إلى قوله:

  يأتلق التاج فوق مفرقه ... على جبين كأنه الذهب

  غضب عبد الملك، وقال له قد قلت في مصعب بن الزبير:

  إنَّما مصعب شهاب من اللـ ... ـه تجلت عن وجهه الظُّلُمَاءُ

  فأعطيته المدح بكشف الغمم وجلاء الظلم، وأعطيتني من المدح ما لا فخر فيه، وهو اعتدال التاج فوق جبيني الذي هو كالذهب في النضارة⁣(⁣٥)؟

  وأنشد عبد الملك قول نصيب⁣(⁣٦):


(١) اللمي: سمرة في الشفة والحوة حمرة في الشفتين تضرب إلى السواد. واللعن سواد مستحب في الشفة.

(٢) الأغاني ١/ ٣٤٨ «ط دار الكتب» والموشح ص ١٩٣.

(٣) البيان والتبيين ١/ ٢٠٥.

(٤) الأغاني ١/ ١٠٠ و ١١٨ و ١٦٦ و ١٦١/ ١٦.

(٥) الصناعيتن ص ١١٤.

(٦) الموشح ١٦٠ - ١٨٩، الصناعتين ١٢٩.