القسم الأول جماليات في النظم والمعنى
  أهيم بدعد ما حبيت فإن امت ... فواحزنا ممن يهيم بها بعدي
  فقال بعض من حضر: اساء القول. أيحزن لمن يهيم بها بعده. فقال عبد الملك: فلو كنت قائلاً ما كنت تقول؟ فقال:
  أهيم، بدعد ما حييت، فإن امت ... فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي
  وقصة طرفة بن العبد مع المتلمس مشهورة(١) فقد روي أنَّ المتلمس قال:
  وقد أتناسى الهم عند احتضاره بناج عليه الصيعرية مكدم(٢)
  والصيعرية سمة للنوق فجعلها للجمل - وسمعه طرفة ينشدها، فقال:
  استنوق الجمل، فضحك الناس، وسارت مثلاً. فقال له المتلمس: وَيْلٌ الرأسك من لسانك. فكان قتله بلسانه.
  ومن عدم التوفيق في إيراد المعاني مطابقة لمقتضى الحال، مراعية للموقف والجو العام قول عمر بن أبي ربيعة في إحدى مقطوعاته الغزلة:
  قالت لها أختها تُعاتبها ... لتُفسِدنَّ الطواف في عُمر
  قومي، تصدي له ليبصيرنا ... ثم اغمزيه يا أخت في خفر
  قالت لها: قد غمزته فأبي ... ثم اسبطرت تسعى على أثري(٣)
  لقد تغزل عمر - على لسان فتياته - بنفسه، وعهدنا بالرجل هو الذي يتغزل، ويتحدث ويعبر. أما أن يكون العكس فهو على حد تعبير طرفة «استنوق الجمل». كذلك من عدم التوفيق أن تأمر الأخت أختها بالخشوع في الطواف، ثم تتراجع فتأمرها بمطاردة عمر، أو التصدي والتعرض له، مع العمر والإشارة والإغراء ... ومثل هذا لا يليق بوصف فتاة عربية مسلمة طائفة في الكعبة، شريفة عفة الإزار. وأخيراً فإن من عدم التوفيق جعل ساحة الغزل الشاذ، والمطاردة، والغمز في أقدس ساحة في الدنيا. حول الكعبة المشرفة.
(١) الموشح ٧٩، ٧٨ ويُروى أن الشاعر المسيب بن علس «كما في اللسان».
(٢) الصيعرية سيمة تكون في عنق البعير. والمكدم: المعضوض.
(٣) ديوانه ص ١٤٥ اسبطرت استرسلت.