البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الأول جماليات في النظم والمعنى

صفحة 92 - الجزء 3

  كلمة «حبيب» لها معنيان: أحدهما المحبوب، وهو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذّهن بسبب التّمهيد له بكلمة «بغيض» والثاني اسم أبي تمام وهو حبيب بن أوس، وهذا المعنى بعيد، وقد أراده الشٌاعر، ولكنه تلطًّف فورى عنه، وستره بالمعنى القريب.

  وقال أيضاً متغزلاً⁣(⁣١):

  وبي من البدو كحلاء الجفون بدت ... في قومها كمهاة بين آساد

  بنت عليها المعالي من ذوائبها ... بيتاً من الشعر لم يمدد بأوتاد

  واوقدت وجنتاها النار لا لقرى ... لكن الأفئدة منَّا وأكباد

  فلو بدت لحسان الحضر قُمن لها ... على الرؤوس وقُلن الفضل للبادي

  كلمة «البادي» لها معنيان أحدهما اسم فاعل للفعل (بدا بمعنى ظهر، وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن بسبب التَّمهيد له بكلمة «فلو بدت»، والثاني هو «الساكن في البادية» وهذا المعنى بعيد، وقد أراده الشّاعر، بدلالة البيت الأول حيث قال: «وبي من البدو»، ولكنَّه تلطَّف فورى عنه، وستره بالمعنى القريب.

  وقال أبو نواس في محبوبته جنان⁣(⁣٢):

  ما هوى إلا له سبب ... يبتدي منه وينشعب

  فتنت قلبي محجبة ... وجهها بالحسن منقب

  خليت والحسن تأخذهُ ... تنتقي منه وتنتخب

  صار جداً ما مزحت به ... رُب جدَّ جرَّه اللَّعب

  كلمة «منتقب» من النقاب، وهو الخمار، وهو المعنى القريب المورَّى به، بدلالة كلمة «محجبة» قبله، وهي تلائم «المنتقب»، وقد تكون الكلمة مشتقة من النقبة، «وزان نكتة»، وهي اللَّون والوجه، ومنه سمَّي نقاب المرأة، لأنه يستر وجهها بلون النّقاب، أمَّا المعنى البعيد، المورَّى عنه فهو «ملوَّن بالحسن من تحت النقاب». وهو المراد.


(١) الخزانة ص ٢٤٨.

(٢) ديوانه ص ٣٦١.