البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الأول جماليات في النظم والمعنى

صفحة 100 - الجزء 3

  ويبدو أنَّ أقدم من اتَّبع هذا الأسلوب البديع النابغة الذبيانيٌ، فقد قال في إحدى مدائحه⁣(⁣١):

  ولا عيب فِيهم، غير أنَّ سيوفهم ... بِهِنَّ قلول من قراع الكتائب

  ثم انفتح الباب للشّعراء بعده، فراحوا يسيرون على خُطاه، ويقولون مثل قوله. من ذلك قول أبي هفان⁣(⁣٢):

  ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضر بنا، والبأس من كل جانب

  فأفنى الرَّدى أرواحنا غير ظالمٍ ... وأفنى الندى أموالنا غير غائب

  أبونا أبٌ، لو كان للنَّاس كلَّهم ... أباً واحداً أغناهم بالمناقب

  وقول أبي جعفر القرشي⁣(⁣٣):

  فتى لم تسافر عنه آمال آملٍ ... وليس لها إلا إليه إيابُ

  ولا عيب فيه لا مري غير أنَّه ... تعابُ له الدنيا، وليس يُعابُ

  وقول ابن الحجاج البغدادي⁣(⁣٤):

  أتوني، فعابوا من احب جهالة ... وذاك على سمع المحب خفيف

  فما فيه عيبٌ غير أنَّ جفونه ... مراضٌ، وأنَّ الخصر منه ضعيف

  وقول عز الدين التنوخي «الغواص اللخمي»⁣(⁣٥):

  ويدخرون الزاد يُخفون خيره ... ويبدونه للضيف في الزبة المحلِ

  ولا عيب فيهم ظاهر غير أنني ... حسبُتُهمُ - لمَّا نزلتُ بهم - أهلي

  وقول آخر⁣(⁣٦):

  ولا عيب فيكم غير أنَّ ضيوفكم ... تُعاب بنسيان الأحبَّة والوطن


(١) ديوانه ص ١٣.

(٢) تهذيب الإيضاح ١٩٠/ ١.

(٣) تهذيب الإيضاح ١٩١/ ١.

(٤) تهذيب الإيضاح ١٩١/ ١.

(٥) يكني أستاذنا المرحوم الَّتنوخي عن نفسه بالغوَّاص اللخمي. ولذلك فقد ذكرنا اسمه صراحة. والأبيات من التهذيب ١٩١/ ١.

(٦) خزانة الأدب ص ٤١٩.