أقسام الجناس
  ومثله كذلك ما نظمه الشاعر المعروف بالمغربي إذا قال(١):
  لو زارنا طيف ذات الخال أحيانا ... ونحن في حفر الأحداث أحيانا
  تقول: أنت امرؤ جاف، مغالطة ... فقلت: لا هومت اجفان اجفانا
  لم يبق غَيْرَكِ إنسان يُلاذُ بِهِ ... فلا برحت لعين الدهر إنسانا
  في البيت الأول شاهد على الجناس المستوفى، لأن «أحيانا» الأولى اسم، وبمعنى بعض الأوقات. و «أحيانا» الثانية فعل ماض.
  وفي البيتين الثاني والثالث شاهدان على الجناس المماثل بين «أجفان وأجفانا» وبين «إنسان وإنسانا»(٢) فكلا الفظين اسم، أما معناهما فمختلف.
  وقد يتفق في الجناس التام أن تكون الكلمة الأولى مفردة، والثانية مركبة من كلمتين لكن صورة كتابتهما واحدة، وجرسهما في الأذن واحد.
  هذا اللَّون دعاه العلماء بـ «المتَشَابِهِ». وَمَثَّلوا له بقول الشَّاعر:
  عضنا الدَّهْرُ بنابه ... ليت ما حل بنا به(٣)
  وقول أبي الفتح البستي:
  إذا مَلِكَ لَم يَكُنْ ذاهبة ... فدعه، فَدَوْلَتُهُ ذاهِبَةٌ(٤)
  وجاء في ديوان ابن رشيق قوله(٥):
(١) الطراز ٣٥٨٢، وفي معاهد التنصيص تجد الأبيات منسوبة إلى الغزي ١٧/ ٢.
(٢) الأجفان «الأولى»: أغطية العين من اللحم. وأجفان «الثانية» من الجفاء. وإنسان «الأولى» واحد البشر والناس. وإنسان «الثانية» بؤبؤ العين.
(٣) بنابه «الأولى» كلمة واحدة، ولا عبرة للضمير الهاء المضاف! إليه. والناب هو بمقام السن ومعناها، ويكون للإنسان والحيوان وبنا به «الثانية» مكونة من كلمتين كل منهما جار ومجرور «بنا» و «به».
(٤) الشاعر هو علي بن محمد المعروف بأبي الفتح البستي وقوله «هذا هبة» في الشطر الأول بمعنى: صاحب هبة وعطاء. وقوله ذاهبة في الشطر الثاني بمعنى فانية وهو مفرد، والأول مركب مع اتفاقهما في الخط وصورة الكتابة. تهذيب الصحاح ٢٤٠/ ١ ويتيمة الدهر ٢٠٢/ ٤.
(٥) نقلاً عن كتاب زخارف عربية للدكتور نور الدين صمود. نشر الشركة التونسية للتوزيع ص ٥٣.