البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام الجناس

صفحة 137 - الجزء 3

  رمي حر قلبي بأجفانه ... رشا ما دري «قدر ما قد رمي»

  وقد كانَ قَدَّمَ إِحْسَانَهُ ... ولكنه «قدَّ ما قدَّما»

  وهدم بنيان صبري به ... فما أحد و «هدَّ ما هدَّما»

  لئن كان حرم من أنسِهِ ... حَلالاً فيا «حر ما حرَّما»

  وإن كان أضرم نار الجوى ... فلا أشتكي «ضر ما ضرما»

  فتسليمُ أمري بِهِ لِلْقَضا ... ذخرتُ به «أجر ما أجرما»

  الأبيات بادية التكلف، ليس فيها من الشاعرية والصدق أثر، ولكنَّ الصنَّعة البديعيَّة فيها غالبة، فلقد استطاع النَّاظم أن يجانس بين كلمتين في. نهاية كلّ بيت، ويجعل إحداهما مفردة، والثانية مركَّبة إلا البيت الأول فإنَّ كلمتي الجناس في شطره الثاني مركَّبتان.

  وقد تكون الكلمة الأولى مفردة، والأخرى مركبة، وجرسهما في الأذن واحد، لكن صورة كتابتهما مختلفة، وهذا اللون دعاه العلماء بـ «المفروق» وضربوا عليه أمثلة كثيرة. منها:

  قال أحدهم في وصف كاتب:

  وإن أقر على رِقَ أَنَا مِلَهُ ... أَمر بِالرِّق كتاب الأنام له

  الجناس المفروق بين «أنامله» و «الأنام له» وهما متفقان في كل شيء إلا في صورة الكتابة.

  وقول الحريري في إحدى مقاماته:

  سيم سيمة تَحْسُنُ آثارها ... وَاشْكُرْ لِمَنْ أعطى ولو سميمة

  الجناس بين قوله «سم سمة» وهي مركَّبة من كلمتين وبين قوله «سمسمة» وهي كلمة واحدة. وهذا هو الجناس المفروق.

  كذلك نضع في حقل المفروق قول أبي حفص المطوعي⁣(⁣١):


(١) تهذيب الإيضاح ٢٤١/ ١ ويتيمة الدهر ٣/ ٤٣٣ ودُمية القصر ١/ ٢٨٨ وأنوار الربيع ١٠٣/ ١.