البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

2 - الجناس غير التام

صفحة 140 - الجزء 3

  فأنت تلاحظ اختلاف «دامس وطامس» بحرف واحد في أول الكلمة، و «خصصتني وخسستني» بحرف واحد في وسطها مرتين، و «الخير والخيل» بحرف في آخرهما.

  كذلك تلاحظ أن هذه الحروف المختلفة متقاربة المخارج. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ}⁣[الأنعام: ٢٦]. وقول بعضهم البرايا أهداف البلايا، وقول الحريري «لا أعطي زمامي لمن يخفر دمامي».

  وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة: ٢٢ - ٢٣] وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ٧٥}⁣[غافر]، وقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ}⁣[النساء: ٨٣].

  وهذه الشواهد جميعاً من اللون الذي تقاربت فيه مخارج الحروف المختلفة بين كلمتي الجناس يدعى «المضارع».

  أمَّا إذا كان الحرفان متباعدي المخارج مثل قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ١}⁣[الهمزة] أو قوله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ٧ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ٨}⁣[العاديات]، أو قول الحريري «لا أغرس الأيادي في أرض الأعادي»، أو قول آخر: «المكارم بالمكاره»، فأنت تلاحظ الفرق البعيد بين «همزة ولمزَة» و «شهيد وشديد» و «الأيادي والأعادي» و «المكارم والمكاره». فالمخارج متباعدة، ولذلك خصها البلاغيون بحديث مستقل وتسمية خاصة هي «الجناس اللاحق».

  ***

  وقد تختلف فيه الكلمتان في أعداد الحروف، والاختلاف قد يكون