المبحث الأول الخبر
أغراض الخبر
  إذا أردت أن تُخبر إنساناً بخبر ما، فلا يخلو أن يكون المخاطب إمّا جاهلاً بمضمون الخبر، أو غير جاهل.
  فإذا كان جاهلاً بالخبر، فإنَّ قصدك إفادته بمضمون ما تقول وتخبر فلو قلت له: «لقد أصدر مجلس الوزراء مرسوماً بمضاعفة رواتب الموظفين» ولم يكن يعرف ذلك، فأنت تفيده خبراً جديداً ويسمى البلاغيون هذا اللون من الإخبار «فائدة الخبر».
  أما إذا كان من تحدثه عالماً بمضمون حديثك، فأنت لا تفيده جديداً، وإنما غايتك أن تعرّفه أنك عالم بالخبر من ذلك مثلاً قول أبي الطيب لسيف الدولة:
= مطابقته لاعتقاد المخبر أو عدم اعتقاده، فالخبر يكون صادقاً إذا طابق اعتقاد المخبر حتى ولو خالف ذلك الاعتقاد الواقع. ويكون الخبر كاذباً إذا خالف اعتقاد المخبر حتى ولو وافق ذلك القولُ الواقع والحقيقة.
ثم جاء الجاحظ وأنكر انحصار الخبر في الصدق والكذب، وزعم أن الخبر ثلاثة أقسام: صادق، وكاذب، وغير صادق ولا كاذب.
فالصادق في زعمه هو المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه مطابق.
والكاذب هو الذي لا يطابق الواقع مع الاعتقاد بعدم مطابقته.
وأما الخبر الذي ليس بصادق ولا كاذب فليس نوعاً واحداً، وإنما هو أربعة أنواع وهي:
«أ» الخبر المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه غير مطابق.
«ب» الخبر المطابق للواقع بدون اعتقاد أصلاً
«ج» الخبر غير المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه مطابق.
«د» الخبر غير المطابق للواقع بدون اعتقاد أصلاً.
ويبدو أن الكلام حول مفهوم الخبر والإنشاء قد نشأ مع نشأة الجدل في عصر المأمون حول فتنة القول بخَلْق القرآن وقد تنازع المعتزلة وأهل السنة حول هذا الموضوع أمداً طويلاً، وكان من جملة أسلحة الفريقين هذا التقسيم للخبر.
· راجع في هذا الموضوع: الملل والنحل للشهرستاني؛ والبيان والتبيين للجاحظ؛ وتاريخ بغداد للخطيب؛ ومفتاح العلوم للسكاكي؛ ومعظم كتب النقد والبلاغة المؤلفة في القرن الرابع الهجري وما بعده؛ وفقه اللغة للصاحبي؛ وسنن العرب في كلامها لابن فارس.