البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام الجناس

صفحة 143 - الجزء 3

  عليه البديعيون اسم «الجناس المحرف».

  ***

  وقد يكون الاختلاف بين الكلمتين في الحروف المعجمة «المُنقَطَة» فهذا هو الذي دعوه «التصحيف».

  وقد أخذ «التصحيف» من علماء البديع شرحاً كثيراً، وهم محقون ومصيبون بذلك، فالتصحيف - وهو تماثل لفظين خطاً واختلافهما نطقاً - يقع من كتاب لا يتقيدون بوضع النقاط في الحروف المعجمة في أماكنها الصحيحة، وإنَّما يرمونها كيفما اتفق، فيأتي قارئ فيخطئ في قراءة الكلمة وينطقها على شكل آخر، فتأخذ معنى جديداً، وكثيراً ما يكون هذا المعنى طريفاً أو بعيداً عن المقصود بل قد يكون عكس المراد.

  ومعظم الحروف يدخلها التَّصحيف ... والمهارة تبدو عند من يستطيع

  إعادة كل شيء إلى مكانه الطبيعي، وعلى هذه المهارة يقوم جزء كبير من تحقيق المخطوطات، ولا سيما التي خلت من النقاط، أو كتبت بخط سيئ.

  ومن أمثلة هذا اللون ما روي عنه (⁣١): «ارفع إزارك فإنَّه أبقى وأنقى»، فالاختلاف بين الكلمتين كان في وضع النقطة، وتغير المعنى تبعاً لذلك.

  وقولهم «خُلْفُ الوَعْد خُلُقُ الوَغد»، وفي الحديث الشريف⁣(⁣٢): «عَلَيْكُم بالأبكار فإنَّهنَّ أشدُّ حبّاً، وأقل خباً». وقول البحتري يمدح المعتز بالله⁣(⁣٣):

  ولم يكن المغتر بالله إذ شرى ... ليُعجز، والمعتز بالله طالبة

  وكقول أبي فراس⁣(⁣٤):

  من بحر شعرك أعترِف ... وبفضل علمك اعترف

  ***


(١) مسند احمد ٢٦٤/ ٥ وفي رواية «وأتقى».

(٢) سنن ابن ماجه، الباب السابع من كتاب النكاح.

(٣) الطراز ٣٦٦/ ٢.

(٤) أنوار الربيع ١٨٢/ ١.