علم المعاني
  من حديثٍ نُمي إلىّ فظيعٍ ... خِلتُ في القلب من تلظّية جمرا(١)
  إنه خبر جديد تفاجأ به هذه الفتاة، فيصعقها ويجعلها شلواً لا حراك به. بلغها النبأ الفاجع، فتماسكت أول ما سمعته وحاولت أن تمثل دور مَن لم يهتم بالخبر. وحين خلت إلى نفسها، ووجدت إلى جانبها من تحفظ سرها، باحت لها بالحريق الذي فيه تتلظى وبالنار التي تضطرم في جوانحها، وبالألم الذي يفريها، ويمزق فؤادها.
  أليس هذا خبراً جديداً؟ إنها لم تكن تعلمه من قبل، ولم تكن تدري أن الحبيب الذي رمت على يديه آمالها طعنها في الصميم طعنة نجلاء. وبهذا الخبر القتال تمزقت مشاعرها وتحطم كبرياؤها، وضاعت آمالها، وتناثرت أحلامها.
  إنه خبر جديد. خبر زواجه من غيرها، وخبر أحزانها وآلامها. والبلاغيون يسمول ون هذا اللون فائدة الخبر.
  قصائد المديح في الأدب العربي، والغزل الذي يتعرض لوصف حبيبات القلوب وقصائد العتاب واللوم والهجاء، وما يشبهها من النثر تنضوي جميعاً تحت لواء سماه البلاغيون: لازم الفائدة في الكلام الخبري.
  المقياس الدقيق إذاً هو: أن الخبر إذا ألقي إلى من يجهل مضمونه سُمِّيَ فائدة الخبر وإذا ألقي إلى من يعلم مضمونه دعي «لازم الفائدة». ولكل مقام ومكان.
  ***
  يقول البلاغيون قد يكون للخير أغراض أخرى ليست «فائدة الخبر» ولا لازم فائدته تفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال. ويعددون منها: «إظهار الضعف»، و «الاسترحام والاستعطاف»،
(١) ديوان عمر بن أبي ربيعة ص ٤٨٥ «تحقيق محمد الدين عبد الحميد».