البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الأول الخبر

صفحة 59 - الجزء 1

  ونونا التوكيد، والحروف الزائدة، وأحرف التنبيه». وفيما يلي تفصيل وتوضيح لها⁣(⁣١):

(١) «إنّ» المكسورة الهمزة المشددة النون

  وهي حرف ناسخ، يدخل على المبتدأ والخبر، فينصب المبتدأ، ويسمى اسمها، ويرفع الخبر ويسمى خبرها. ووظيفتها تأكيد مضمون الجملة أو الخبر، فإذا قال قائل: إن الحياة جهاد فكأنه قال الحياة جهاد مرتين، إلا أنه أوجز حين قال: إن الحياة جهاد. وإذا دخلت اللام التوكيدية المزحلقة على الخبر، فقال: «إن الحياة لجهادٌ». فكأنه كرر الحياة جهاد ثلاث مرات. وهذا الإيجاز أو الاقتصاد في ألفاظ الجملة مع حصول الغرض من التوكيد هو الذي يعطي مثل هذه الجملة قيمتها البلاغية؛ على أساس أن البلاغة هي الإيجاز في رأي بعضهم.

  ومن أمثلتها في القرآن الكريم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٩}⁣[المائدة] {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}⁣[الإسراء: ٢٧] و {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}⁣[النساء: ١٣٧].

  ومن أحاديث الرسول الكريم : «إن المُنبَتَ⁣(⁣٢) لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى» وقوله: «إنما الشعر كلام مؤلَّف، فما وافق الحق منه فهو حَسَن، وما لم يوافق الحق منه، فلا خير فيه».


(١) علم المعاني للدكتور عبد العزيز عتيق ص ٥٨ - ٦٤.

(٢) المنبت: المسرع في عدوه.