المبحث الأول الخبر
  ولست بماش ما حييت لمنكرٍ ... من الأمر لا يمشي لمثله مثلي
  فزيادة الباء هنا إنما لتأكيد معنى النفي أي تأكيد نفي ما بعدها.
(١٠) حروف التنبيه
  وللتنبيه حرفان: ألا، وأما «بفتح الهمزة والتخفيف».
  و «ألا» تزاد للتنبيه، وتدل عندئذ على تحقق ما بعدها، ومن هنا تأتي دلالتها على معنى التأكيد، وذلك نحو قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢}[يونس].
  و «أما» حرف استفتاح، وهي بمنزلة «أَلا» في دلالتها على تحقق ما بعدها تأكيداً، ويكثر مجيئها قبل القسم، لتنبيه المخاطب على استماع القسم وتحقيق المقسم عليه، نحو قول أبي صخر الهذلي:
  أما والذي أبكى وأضحَكَ والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
  لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعُهما النَّفْرُ(١)
  ***
  لكنّ هناك نوعاً من التراكيب ليس فيها أي من هذه الأدوات، ومع ذلك فطبيعة تركيبها تجعلها مؤكدة. فلو قلت لأحد أصحابك: (أنت تفي بوعدك كان كلامك هذا خبراً طلبياً وليس ابتدائيا(٢)، لأن مضمونه يعدل مرتين قولك: تفي أنت بوعدك.
  البلاغيون يَعُدّون هذا لوناً من ألوان التأكيد. وهم محقون في ذلك، لأنا لو عدنا إلى إعراب هذه الجملة نحوياً لوجدنا «أنت» في محل رفع
(١) النفر: التفرق أو الفراق انظر أمالي ابن الشجري ١١٥/ ٨ و ١٤٤.
(٢) الأخبار المؤكدة ستلي بعد قليل ويهمنا هنا أن نعلم أن «الطلبي» هو المؤكد تأكيداً خفيفاً، وأن الابتدائي ليس مؤكداً أبداً.