البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الأول الخبر

صفحة 66 - الجزء 1

  ولست بماش ما حييت لمنكرٍ ... من الأمر لا يمشي لمثله مثلي

  فزيادة الباء هنا إنما لتأكيد معنى النفي أي تأكيد نفي ما بعدها.

(١٠) حروف التنبيه

  وللتنبيه حرفان: ألا، وأما «بفتح الهمزة والتخفيف».

  و «ألا» تزاد للتنبيه، وتدل عندئذ على تحقق ما بعدها، ومن هنا تأتي دلالتها على معنى التأكيد، وذلك نحو قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢}⁣[يونس].

  و «أما» حرف استفتاح، وهي بمنزلة «أَلا» في دلالتها على تحقق ما بعدها تأكيداً، ويكثر مجيئها قبل القسم، لتنبيه المخاطب على استماع القسم وتحقيق المقسم عليه، نحو قول أبي صخر الهذلي:

  أما والذي أبكى وأضحَكَ والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر

  لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعُهما النَّفْرُ⁣(⁣١)

  ***

  لكنّ هناك نوعاً من التراكيب ليس فيها أي من هذه الأدوات، ومع ذلك فطبيعة تركيبها تجعلها مؤكدة. فلو قلت لأحد أصحابك: (أنت تفي بوعدك كان كلامك هذا خبراً طلبياً وليس ابتدائيا⁣(⁣٢)، لأن مضمونه يعدل مرتين قولك: تفي أنت بوعدك.

  البلاغيون يَعُدّون هذا لوناً من ألوان التأكيد. وهم محقون في ذلك، لأنا لو عدنا إلى إعراب هذه الجملة نحوياً لوجدنا «أنت» في محل رفع


(١) النفر: التفرق أو الفراق انظر أمالي ابن الشجري ١١٥/ ٨ و ١٤٤.

(٢) الأخبار المؤكدة ستلي بعد قليل ويهمنا هنا أن نعلم أن «الطلبي» هو المؤكد تأكيداً خفيفاً، وأن الابتدائي ليس مؤكداً أبداً.