المبحث الأول الخبر
  مبتدأ، و «تفي» فعلاً مضارعاً فاعله مستتر فيه وجوباً تقديره «أنت»، والجملة الفعلية من الفعل «تفي» وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر للمبتدأ أنت، تقديره «موف» بوعدك.
  إذاً: هذه الجملة تكرّر فيها ضمير المخاطب مرتين، مرةً كان ظاهراً، ومرة كان مضمراً. وكذلك تكرر الفعل المؤدي لمعنى الوفاء مرتين، الأولى بصورة مضارع، والثانية بصورة الخبر المؤوّل.
  لهذا، قال البلاغيون: إن الجملة تكون أقوى توكيداً إذا كان المسند فيها خبراً فعلياً. ويمثلون على هذا بمثال: أنت لا تكذب، ويقولون: إنه أقوى من قولنا: لا تكذب أنت.
  ***
أَضرُب الخبر
  مواقف الناس عند تلقيهم خبراً من الأخبار متباينة، جماعة يصدقونه، وجماعة يكذبونه وفئة تشك في تصديقه وتتردد.
  هذه المواقف المتباينة يلحظها الذكي البليغ، ويبني كلامه وفق مقتضياتها. إنه يعرف سلفاً أن عليه مخاطبة المنكرين المكذبين بأسلوب يختلف عن مخاطبة المتردّدين أو المصدقين وهذه المعرفة تقوده إلى أن ينوع أساليب إخباره توكيداً أو عدم توكيد.
  فهؤلاء الذين يصدّقون القول رأساً لا يحتاجون إلى أن يؤكّد المتحدث لهم ما يقول، أو أن يُقسم على صحته، لأنهم بطبعهم مصدقون دون هذه الوسائل. ولذلك فإن الخبر الذي يلقى إليهم خالياً من كل توكيد يدعى «الخبر الابتدائي».
  والذين يشكون أو يتردّدون في قبول ما يسمعون، يقفون في نقطةٍ حرجة، فإما أن يصدقوا إذا تأكدوا، وإما أن يكذبوا. هذا الموقف الوسط المشحون بالشك والتردد يقضي على المخبر أن يكون حكيماً حين