البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الأول الخبر

صفحة 68 - الجزء 1

  يخبرهم، والحكمة تكون في تلوين الخبر بشيء من التوكيد؛ وهذا التوكيد الصغير كافٍ لضمّهم في سلك المؤمنين المصدقين. ومثل هذا اللون من الإخبار الممزوج بمؤكد واحد يسمى في عرف البلاغيين بـ «الخبر الطلبي».

  أما الفريق الثالث فهو عنيد، لا يصدق بسهولة ما يخبرُ به، بل لا يقف منه موقف الشاك أو المتردد بين التصديق والتكذيب، وإنما يقف موقف المنكر؛ ولا يزيله عن إنكاره، ويحرفُه عن موقفه المتصلب إلا إذا مزج خبره بتأكيدات شتى. وهذه التأكيدات كفيلة أن تحشره في زمرة المصدقين والبلاغيون يسمون الخبر المؤكد بأكثر من أداة توكيدية «الخبر الإنكاري».

  وهكذا ينقسم الخبر بحسب أضربه إلى ألوان ثلاثة:

  خبر ابتدائي، وهو ما خلا من توكيد.

  وخبر طلبي، وهو ما أكد بمؤكد واحد.

  وخبر إنكاري، وهو ما زاد توكيده على مؤكد واحد.

  إن الغاية الرئيسية للمخبر أن يوصل من يُخبره إلى مستوى التصديق والاقتناع، ولا بد له من أن يكون عالماً بنفس مخاطبه قبل أن يحدثه بشيء، وحينئذ يكون بليغاً إذ يضع في المقام المناسب الكلام المناسب، وتلك هي البلاغة في حقيقتها وجوهرها أو ذلك هو مقتضى الحال.

  ***

خروج الخبر عن مقتضى الظاهر

  لكن هناك نوعاً من المواقف للناس لا تستوجب اتباع الأساليب التقليدية المذكورة، وإنما تستلزم لوناً آخر من الإخبار، وأسلوباً خاصاً من التعبير.

  فلقد تقف أمام منكر لحقيقة من الحقائق، يؤمن بها كل الناس إلاّ