صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في جواز وقوع بيان المجمل بالفعل]

صفحة 113 - الجزء 1

  واستدل أيضاً بأن فعله حجة كقوله، ويصح في الفعل أن يكون كاشفاً عن معنى الخطاب، ولذلك قال عليه وآله السلام: «صلّوا كما رأيتموني أصلي» فأحالنا على أفعاله في بيان المجمل من الصلاة، فلولا أن البيان يقع بالأفعال لما أحالنا عليها.

  وعندنا في هذه المسألة: أن البيان يقع بالفعل كما يقع بالقول وأبلغ، لأنه لا فرق بين قول المعلّم للكتابة مثلاً لمن يتعلمها خذ القلم وافعل به كذا وكذا، واجرِ من موضع كذا إلى موضع كذا، وبين أن يكتب له إما ما يتعلم عليه ويقتدي به، بل يكون هذا أبلغ، ولكن لا بد عندنا من تقديم دليل من القول منبه على اتباع الفعل والإقتداء به وإيجاب الرجوع إليه في البيان.

  وإنما قلنا ذلك لأن دلالة العقل تقضي باختلاف المصالح في الفعل بيننا وبينه #، وبيننا أيضاً إلا فيما خصه الدليل، فإذا قال تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}⁣[المزمل: ٢٠]، وجب علينا انتظار البيان قدر إمكان وصوله إلينا، فإن وصل إلينا منه بيان وإلا وجب علينا امتثال ما هو المعلوم من الصلاة في أصل اللغة؛ لأن ذلك الواجب في خطاب الحكيم سبحانه وتعالى، ولهذا قال ÷: «صلّوا كما رأيتموني أصلي»، فوجب علينا اتباع فعله في بيان المجمل بدليل من القول، ونحن لا نمنع على هذا الوجه من وقوع البيان بالفعل له بما يكون والحال هذه أبلغ من البيان بالقول، وذلك ظاهر كما قدمنا، وقد كان أمير المؤمنين # وغيره من العلماء إذا سئل عن بيان مجمل بينه بالفعل للتأكيد كما فعل لما سئل عن وضوء رسول الله ÷ فبينه بالفعل.


= رسول الله إذا جامع أحدنا فأكسل، قال: يغسل ما لمس المرأة منه وليتوضأ ثم ليصل) ثم اغتسل رسول الله ÷ من ذلك بما روته عائشة أن رسول الله ÷ اغتسل.