صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في تعارض الأخبار]

صفحة 221 - الجزء 1

  للإجتهاد فيه مدخل جوزنا أن يكون الصحابي من أهل الإجتهاد يوجب أن يكون قال ذلك عن اجتهاد، وإن لم يكن من أهل الإجتهاد جوزنا أن يكون استفتى في ذلك غيره فأفتاه بما ذكر فلا يجوز لنا مع ذلك القطع على أنه سمع ذلك من النبي ÷، وإن لم يكن للإجتهاد فيه مدخل وجب علينا من طريق تحسين الظن بالصحابة أنه لم يقل ذلك تشهياً ولا تبخيتاً إن كان من أهل الإجتهاد، ولا يجوز إن كان ممن لا يفهم الإجتهاد قال ذلك من تلقاء نفسه لوجوب تحسين الظن، ولا أخذه عن غيره من الصحابة من هذه الطريق لوجوب تحسين الظن بالمفتي أيضاً، فصح ما قلناه.

مسألة: [الكلام في تعارض الأخبار]

  إذا تعارض الخبران لم تخل الحال من ثلاثة أوجه:

  إما أن يكونا معلومين معاً.

  أو مظنونين معاً.

  أو أحدهما معلوم والآخر مظنون.

  فإن كانا معلومين، فلا يخلو: إما أن يعلم التاريخ أو لا يعلم، فإن علم التاريخ بينهما عمل بالمتأخر منهما إن تنافيا على الحد الذي يوجب وقوع النسخ، وقضي بأن الآخر ناسخ للأول.

  وإن علم تاريخ أحدهما دون الآخر كان المعلوم التاريخ أولى أن يعمل به، وذلك من أقوى وجوه الترجيح، وإن لم يعلم التاريخ كان تعبدنا بالرجوع إلى قضية العقل إن استويا في الحظر والإباحة في العقل والشرع، فإن كان أحدهما يفيد حكماً شرعياً سواء كان مثبتاً أو نافياً، وأحدهما يبقى على حكم العقل كان المفيد للحكم الشرعي أولى، وكان هذا من وجوه الترجيح؛ لأن الشرعي ناقل فالحكم له.

  وإن كانا مظنونين معاً، كان الواجب فيهما الرجوع إلى الترجيح سواء أفاد أحدهما حكماً شرعياً وبقاه الآخر على حكم العقل، أو كانا مفيدين حكمين شرعيين معاً، أو مبقيين على حكم العقل معاً؛ لأن العمل على الظن الأقوى هو الواجب.