مسألة: [الكلام في الحوادث التي اختلف فيها المجتهدون هل لها حكم عند الله تعالى هو الأشبه أم لا؟]
  مرادهم بأنه معذور أنه لم يكلف إلا ما أداه اجتهاده إليه، فقد وافقونا في المعنى؛ لأن الفعل الواقع من المكلف على الوجه الذي كلف لا بد من أن يكون حقاً، ولسنا نريد بقولنا إن كل واحد من هذه المذاهب حق غير هذا المعنى.
مسألة: [الكلام في الحوادث التي اختلف فيها المجتهدون هل لها حكم عند الله تعالى هو الأشبه أم لا؟]
  اختلف أهل العلم في الحوادث التي اختلفت فيها المجتهدون، هل لها حكم عند الله تعالى هو الأشبه حتى لو نص الله سبحانه وتعالى لنص عليه، أم لا؟
  فمنهم من قال: لا بد من أن يكون في الحادثة حكم هو الأشبه، فإن أصابه المجتهد فذاك بتوفيق الله تعالى، وإن لم يصبه فقد أدى ما تُعبِد به؛ لأن الله تعبد بالإجتهاد في طلبه دون إصابة عينه، وقد أدى ما كلف.
  وحكى شيخنا ¦ هذا القول عن أبي الحسن، وأبي علي، أولاً، وعيسى بن أبان، وسفيان بن سحبان، وهو المحكي عن محمد بن الحسن إلا أنه عبر عن الأشبه بالصواب عند الله، وذكر أن أبا الحسن ذكر أن ذلك مذهب أصحاب أبي حنيفة، وحكى عنهم أن أحد المجتهدين مصيب، والثاني مخط معذور.
  فأما الشافعي فذهب إلى الأشبه على ما حكى عنه أبو حامد المروزي(١) والقاضي، وممن قال بالأشبه: الشيخ أبو إسحاق بن عياش(٢).
  وذهب أبو الهذيل وأبو هاشم وقاضي القضاة والسيد أبو طالب # وأبوالحسين البصري والحاكم إلى أنه لا معنى للقول بالأشبه وهو الذي كان شيخنا ¦ يذهب إليه، وهو الذي نختاره.
(١) أبو حامد المروزي هو أحمد بن بشر بن عامر القاضي، توفي سنة (٣٦٢ هـ).
(٢) أبو إسحاق بن عياش: هو إبراهيم بن عياش البصري، قال القاضي: وهو الذي درسنا عليه أولاً وهو من الورع والعلم والزهد على حد عظيم، أخذ عن أبي هاشم وأبي علي بن خلاد وأبي عبدالله البصري، وله كتاب في إمامة الحسنين @ وكتب غيرها.