مسألة: [الكلام في الغفلة والضبط في الراوي وتفصيل ذلك]
  فأما من علم من حاله استجازة الكذب على آحاد الناس فيما يرويه عنهم فضلاً عن فضلاء الصحابة لم يقبل خبره كما قلنا في الخطابية ومن شاكلهم.
  وأما منعنا من قبول خبر الفاسق من جهة التصريح: فلأنا نعلم منه التجاسر على الكذب والإقدام على القبيح، فلا تسكن النفس إلى صدقه فيما يرويه عنهم ولا يغلب على الظن صحة ما يقوله، وليس كذلك الفاسق من جهة التأويل؛ لأنه لا يقدم على ما يعلم كونه قبيحاً، فصح ما قلناه.
مسألة: [الكلام في الغفلة والضبط في الراوي وتفصيل ذلك]
  المغفل إذا كان شديد الغفلة والسهو وهما الغالبان عليه، والضبط هو النادر لم يقبل خبره إلا فيما تعلم صحته، وإن كان الغالب عليه الضبط والحفظ، والسهو هو النادر قبل خبره إلا فيما يعلم أنه سها فيه، وإن استوى فيه الأمران الضبط والغفلة والتبس حاله، فقد اختلفوا في ذلك.
  فحكى شخينا ¦ قبول خبره عن الشافعية، والقاضي.
  وحكى عن الشيخ أبي الحسين البصري أنه لا يقبل، وكان ¦ يحتج لما يذهب إليه.
  وحكى عن عيسى بن أبان أنه قال: طريق قبوله الإجتهاد، وهذا الذي يقوى عندنا ونختاره.
  وكان شيخنا ¦ يحتج لما ذهب إليه بأن قال: إنه متى استوى ضبطه وغفلته لم يحصل الظن بصحة ما رواه لتعادل الأمرين فيه فلا يقبل حديثه.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن قبول الأخبار ممن ظاهره العدالة واجب على الجملة، فإذا استوى حاله في الضبط والغفلة لم يمكن الإتيان بهذا الواجب إلا بضرب من الإجتهاد، وجب الرجوع إلى الاجتهاد كما في سائر الواجبات.
  وما ذكر شيخنا ¦ من استواء الأمرين فيه، فلا يحصل الظن بصدقه، فإنا لا نقول إنه يعمل على خبره فيما استوى فيه العلم والظن لضبطه وغفلته، بل إنما يعمل