صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في الأسباب والعلل والشروط]

صفحة 403 - الجزء 1

  الإحتجاج بقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، بعد العلم بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، فنفي الرؤية على التحقيق يدخل تحت نفي التشبيه؛ لأن الرؤية المعقولة تفيد التشبيه، والرؤية التي ليست بمعقولة لا يصح إثباتها.

  فأما ما يصح معرفته بالعقل والشرع: فقد ذكر ¦ أنه كاستدلالنا على أن القياس وخبر الواحد طريقان شرعيان يجب العمل بهما، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب الأخبار وباب القياس، وأن ذلك معلوم بالعقل والشرع.

  وأما ما يعلم بالشرع وحده: فهو ما كان في السمع دليل عليه دون العقل وذلك كالمصالح الشرعية والمفاسد الشرعية فلا هداية للعقول في معرفتها؛ لأن العلم بها موقوف على العلم بأحكامها أو بوجوهها وذلك مما استأثر الله تعالى بالعلم به فلا يجوز معرفته إلا بوحي من جهته سبحانه.

  وأما بعض ما له تعلق بهما: فهو بعض طرق الأقسام الشرعية نحو كون الإجماع حجة، وقد تقدم الكلام عليه في باب الإجماع، وأنه لا يعلم إلا بالسمع.

[الكلام في الأسباب والعلل والشروط]

  وما به تعلق بهما أسباب الأحكام الشرعية وعللها وشروطها.

  أما الأسباب: فيجوز زوال الشمس الذي هو سبب لوجوب الصلاة، ونحو الزنا الذي هو سبب لوجوب الحدّ وغير ذلك.

  وأما العلل: فنحو الكيل مع الجنس الذي هو علة الربا إلى غير ذلك.

  وأما الشروط: فهي منقسمة قسمين:

  منها ما هي شروط في الأحكام معلومة بالعقل كالشروط التي شرطتها الشريعة في البياعات؛ لأن وقوع الملك بالبيع معلوم بالعقل، ويمكن أن يقال إن ذلك الحكم على ذلك الوجه معلوم بالشرع؛ لأنه لا يعلم صحته على ذلك الوجه إلا بالشرع؛ لأن الشرع يصحح بعضها ويفسد بعضها.