صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في جواز وقوع بيان المجمل بالفعل]

صفحة 112 - الجزء 1

  ولأن المشاهدة والأخبار المتواترة يخرجان المشاهد والمخبر عنه من حد الإشكال إلى حد التجلي، وإن لم يوصف واحد منهما بأنه بيان.

  ولأن قولنا ما أخرج الشيء من حد الإشكال يقع فيه من الإبهام ما يحوج إلى الإستفهام، والتحديد وضع للكشف والإيضاح.

  فأما إبطال ما ذكر الشافعي على ظهور سقوطه فظاهره يخرج الأفعال والإجماع، والأدلة العقلية والقياس عن البيان وهي أجله، فكيف يقع التحديد بما هذا حاله، ولأنه جعل المحدود بعض جزء الحد، فقال: البيان كيت وكيت، وإنه بيان، ففسر الشيء بما يحتاج إلى تفسير، وهذا ظاهر البطلان.

مسألة: [الكلام في جواز وقوع بيان المجمل بالفعل]

  ذهب الفقهاء إلى جواز وقوع بيان المجمل بالفعل كما ثبت بيان المجمل بالقول، وخالف بعض المتأخرين في ذلك، وحكاه شيخنا ¦ عن أبي بكر الدقاق⁣(⁣١).

  ومثل شيخنا | المسألة بما إذا قال تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}⁣[المزمل: ٢٠]، ثم فعل النبي ÷ عقيب هذا الخطاب ركعتين ولا يبين الصلاة المأمور بها بالقول فعند من قال بالأول: هذا بيان، وعند أبي بكر الدقاق ومن قال بقوله: ليس ببيان.

  واحتج شيخنا ¦ للأول بأن الصحابة أجمعت على وجوب الرجوع إلى أفعال النبي ÷ إجماعها على الرجوع إلى قوله: فلولا أن أفعاله عليه وآله السلام يقع بها البيان لما صح الرجوع إليها كما فعلوه في مسألة الإيلاج من غير إنزال⁣(⁣٢).


(١) أبو بكر الدقاق: محمد بن محمد بن جعفر البغدادي الدقاق، من علماء الشافعية صنّف كتاباً في أصول الفقه، جمع الفقه والأصول، وولي القضاء ببغداد، توفي في رمضان سنة (٣٩٢ هـ). انظر المنية والأمل.

(٢) وذلك أن الإيلاج من غير إنزال كان لا يوجب الغسل بما رواه أبي بن كعب، قال: قلت يا =