صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في جواز النسخ بأفعال النبي ÷]

صفحة 158 - الجزء 1

  وقال: السنة لا ينسخها إلا مثلها، وقد وقع ذلك عند بعض أصحابه لما رأى المسألة تضعف وتلك عادة بعضهم.

  والذي يدل على صحة ما اختاره شيوخنا ومن قال بقولهم: أن الكتاب مساوٍ للسنة في باب العلم والعمل، وكلما استوى حالهما في ذلك جاز نسخ أحدهما بالآخر، دليله: الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ومما يؤيد ذلك أنه قد وقع، فلو كان لا يجوز لما حسن من الحكيم سبحانه إيقاعه، وذلك ظاهر في مسائل كثيرة:

  منها: استقبال القبلة؛ فإنه ثبت بالسنة إلى بيت المقدس ثم نسخ بالكتاب بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ... الآية [البقرة: ١٤٤]، وكذلك رد من آمن من المشركين إلى أهله ثبت بالسنة في صلح الحديبية ثم نسخ في النساء خاصة في قوله سبحانه: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}⁣[الممتحنة: ١٠].

مسألة: [الكلام في جواز النسخ بأفعال النبي ÷]

  ذهب شيخنا إلى أن النسخ بأفعال النبي ÷ لا يقع، وخرجه من كلام قاضي القضاة، حيث قال: إن التعارض في الأفعال لا يصح.

  وخرج من قول أبي رشيد | إن التعارض في الأفعال يصح، فيلزم من ذلك وقوع النسخ بأفعاله عليه وآله السلام.

  واختيارنا أن النسخ بأفعاله ~ يقع.

  والذي يدل على صحة ما قلناه: أن التعارض في الأفعال يصح فإذا صح التعارض جاز النسخ.

  أما أن التعارض في الأفعال يصح: فذلك ظاهر عند أهل اللسان العربي، ولهذا قال قائلهم في صفة خلاف من خالفه بالفعل:

  أريها السها وتريني القمر


= (ط ٢ - ١/ ٤٤٩) والجداول (خ).