صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: في كيفية إضافة المذهب إلى العالم

صفحة 363 - الجزء 1

  تأديتها جالساً، وكذلك فإن من يذهب إلى أن النية تجب في طهارة التيمم ولا تجب في طهارة الماء، لا يصح أن يقال له في نية الطهارة مذهبان:

  أحدهما: أنها واجبة.

  والثاني: أنها غير واجبة، وما أمكن أن يقال فالجواب عنه يجري هذا المجرى.

فصل: في كيفية إضافة المذهب إلى العالم

  وحقيقة المذهب: هو كل قول صادر عن دلالة أو أمارة أو شبهة أو تقليد، لأنه لا يقال في العلم الضروري إنه مذهب، ولا في التبخيت إنه مذهب، فمتى ظننا اعتقاد الإنسان على هذا الوجه أو عرفناه ضرورة أو بدليل مجمل أو مفصل قلنا إنه مذهبه، وقد يدلّ الإنسان على مذهبه في المسألة بوجوه أربعة:

  أحدها: أن يحكم في المسألة بعينها بحكم معين.

  وثانيها: أن يأتي بلفظ عام يشمل تلك المسألة وغيرها نحو أن يقول الشفعة لكل جار.

  وثالثها: أن يعلم أنه لا يفرق بين مسألتين وينص على حكم إحداهما فيعلم أن حكم الأخرى عنده ذلك الحكم كالطهارتين، وقد مثله شيخنا بأن يقول: الشفعة لجار الدكان فيعلم أنه عنده لجار الدار.

  ورابعها: أن يعلل الحكم بعلة في عدة مسائل فيعلم أن مذهبه شمول ذلك الحكم لتلك المسائل سواء قال بتخصيص العلة أو لم يقل، وهذا عندنا مما يمكن فيه النظر؛ لأنه لا يمتنع أن يعترض تلك العلة في بعض المسائل ما لا يقوي ظنه بصحتها في بعضها مع قوله بتخصيص العلة فلا يحصل لنا القطع بذلك.

  فأما من لم يقل بتخصيص العلة وعلمنا قوله في مسألة بمجرد ثبوت تلك العلة علمنا مذهبه في جميع ما وجدت فيه تلك العلة متعرية عما يمنع من ثبوتها في الأصل، فإذا لم يقل بتخصيص العلة وقال النية واحدة في التيمم لأنه طهارة عن حدث، علمنا أن مذهبه في الوضوء وجوب النية لوجود هذه العلة؛ لأن كلام العالم كما يدل على مذهبه فكذلك تعليله من طريق العادة والعرف.