صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في حد الصدق والكذب]

صفحة 169 - الجزء 1

  المسألة على اعتبار حال المخبر، لا حال الخبر فإذا علمته مع ورود الصيغة مريداً للإخبار عن شخص دون شخص غيره عقلته مخبراً عنه، وإن لم تعلمه مريداً للإخبار عمن أخبر عنه لم يعلم الخبر خبراً عنه، فهذا ما احتمله هذا الموضع من الكلام.

مسألة: [الكلام في حد الصدق والكذب]

  عندنا أن الخبر لا يخلو من صدق أو كذب، سواء علم المخبر أنه صادقٌ أو لم يعلم؛ وخالف في ذلك الجاحظ فقال: إن علم أن خبره على ما أخبر به فالخبر صدق، وإن علم أنه بخلاف ما أخبر به فهو كذب، وإن لم يعلم أنه على ما أخبر به أو بخلافه فهو خبر ليس بصدق ولا كذب.

  واعلم أن الخبر عندنا لا يخرج عن الصدق والكذب، وإنما حصرناه في هذين النوعين؛ لأن القسمة فيه دائرة بين النفي والإثبات، والقسمة إذا دارت بين النفي والإثبات لم يجز دخول متوسط.

  وإنما قلنا إنها دائرة؛ لأن حد الصدق عندنا: هو الخبر الذي يكون مخبره أو ما يجري مجرى المخبر على ما تناوله.

  والكذب هو الخبر الذي لا يكون مخبره أو ما يجري مجراه على ما تناوله، والقسمة إذا دارت بين النفي والإثبات لم يجز دخول متوسط بينهما، فلا يكون جهلنا بحال المخبر، يخرجه عن حد هذين النوعين.

  وقد قال الله تبارك وتعالى حاكياً عن المنافقين: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١١ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ}⁣[الحشر: ١١ - ١٢]، فأخبر عن حالهم في