صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الأخبار التي تكون طريقا إلى العلم الإستدلالي]

صفحة 173 - الجزء 1

  دليل، ولأنا نعلم خلاف قولهم ضرورة؛ وهم مع ذلك عدد قليل يجوز على مثلهم دفع الضرورات، والتواطؤ على الكذب، فصح ما قلناه.

مسألة: [الكلام في الأخبار التي تكون طريقاً إلى العلم الإستدلالي]

  فأما الأخبار التي تكون طريقاً إلى العلم الإستدلالي فقد ذكرنا أنها على نوعين:

  أحدهما: تعتبر فيه حكمة المخبر.

  وثانيهما: لا تعتبر فيه حكمته.

  فالذي تعتبر فيه حكمة المخبر: هو الخبر الوارد عن الله سبحانه، أو عن رسوله ÷؛ لأن خبر الرسول ÷ في الحكم كأنه من جهة الله سبحانه وتعالى، وكذلك تقرير الرسول ÷ لمن يخبر عنه بحضرته، أو يحكي شيئاً عنه # ثم يدعي عليه علمه، فلو كان كذباً لوجب عليه إنكاره، وهو لا يخل بما يجب عليه ~ سيما فيما يتعلق بالشريعة ويلحق بهذه الأخبار الواردة عن العترة والأمة وتقريراتهم، وسيأتي شرحها مفصلة في بابها.

  ويلحق بذلك ما يحكيه القديم سبحانه عمن لم تثبت حكمته ثم لا يتعقبه بإنكار، مع أن البيان واجب عليه سبحانه في الحكمة وهو لا يخل بالواجب على ما ذلك مقرر في موضعه من أصول الدين، وقد تقدم الكلام في أن كلام الحكيم سبحانه وكلام رسوله ÷ حجتان واجبتا الإتباع، وكذلك تقريره سبحانه وتقرير الرسول #، وسيأتي الكلام مستوفى فيما ترويه العترة والأمة في باب الإجماع إن شاء الله تعالى.

  وأما ما لا يعتبر فيه حكمة المخبر ولا من يقره: فهي الأخبار التي يرويها الأعداد الكثيرة عن أمثالها في الكثرة، حتى ينتهي ذلك إلى أمر لا يجوز فيه دخول الإلتباس.

  وأما ما قلنا إن خبر من هذه حاله يوصل إلى العلم لأنا إذا فرضنا استحالة التواطؤ على مثلهم في مجرى العادة لاختلاف الأغراض، ونقلوا خبراً واحداً يستند إلى أمر لا يجوز فيه الإلتباس، كنا عند العلم بتعذر التواطؤ نعلم أنهم أخذوه عن المشاهدة؛ لأن العدد