مسألة: [الكلام في المنع من إثبات وجوب الوتر بالقياس]
  فإذا تقررت الأصول وأمكننا معرفة علة وجوب شيء منها ووجدنا ما شاركه في تلك العلّة قضينا بمشاركته به في الحكم إذا علمنا أن وجه المصلحة فيهما واحد، ثم يجب عند ذلك استقراء المسائل مسألة مسألة، فما أمكن استعمال طريقة القياس فيه على ما ذكرنا قضي بوجوب القياس فيه، وما لم يمكن لم يجز استعمال طريقة القياس.
  وقد حكى شيخنا ¦ عن الحنفية أنهم قطعوا أن استعمال طريقة القياس في المسائل التي قدمنا ذكرها غير ممكن.
  والذي يدل على بطلان ما قالوه: أن أموال التجارة إنما وجب تقدير نصابها بأن تبلغ قيمتها مائتي درهم؛ لأنها أموال وجبت فيها الزكاة ولا نصاب لها في عينها فيجب تقويمها بما تجب فيه الزكاة وله نصاب في نفسه، وهو مائتا درهم، وقد وجب الإخراج عن الجملة بقوله سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]، ثم علمنا أن هذه العلة قائمة فيما أخرجت الأرض من الخضراوات وما شاكلها؛ لأنها أموال وجبت فيها الزكاة ولا نصاب لها في نفسها فوجب تقويمها، لأنها قد شاركت أموال التجارة في علة الحكم فيجب أن تشاركها في الحكم وإلا عاد على أصل تلك العلة بالنقض والفساد، وقد ثبت صحتها، ولأن المنع من ذلك بغير دليل يؤدي إلى رفع حكم القياس عن الأصل بغير دليل وذلك لا يجوز، فمن أين يصح للحنفية دعوى القطع على أن استعمال طريقة القياس فيما ذكرنا غير ممكن وقد بينا بما قدمنا أنه واقع والوقوع فرع الإمكان؟!
مسألة: [الكلام في المنع من إثبات وجوب الوتر بالقياس]
  فأما إثبات الوتر واجبة بطريق القياس(١) فإنا منعنا من جوازه لتعذر العلم بصحة العلة التي يثبت بها أصل القياس؛ لأن العلم بصحة علة ذلك الأصل يجب تقديمه على القياس،
(١) قال الإمام المؤيد # في شرح التجريد في سياق إثبات سنية الوتر وبطلان وجوبه: فإن قاسوه على الواجبات من الصلوات بكونه مؤقتاً، كان ذلك منتقضاً بصلاة العيدين وبركعتي الفجر، على أنا نقيسها على النوافل بعلة أن لا أذان فيه ولا إقامة.