مسألة: [الكلام في لفظ النسخ هل هو باق على أصل اللغة أم منقول إلى الشرع؟]
الكلام في الناسخ والمنسوخ
مسألة: [الكلام في لفظ النسخ هل هو باق على أصل اللغة أم منقول إلى الشرع؟]
  اختلف أهل العلم في لفظ النسخ هل هو باق على أصل اللغة، أم منقول إلى الشرع؟ فمنهم من ذهب إلى أنه باق لم ينقل.
  ومنهم من ذهب إلى أنه ورد مشبهاً بوضع اللغة، وحكاه شيخنا | عن أبي هاشم، وأبي الحسين البصري.
  وذكر الشيخ أبو عبدالله أنه لفظ منقول من اللغة إلى الشرع، وهو مذهب القاضي والحاكم، وهو الذي نختاره.
  وكان شيخنا | يرجح قول الشيخين أبي هاشم وأبي الحسين ويعتمده، ويحتج له بأن النسخ في الشريعة يفيد إزالة مخصوصة، فلم يخرج عما وضع له في الأصل، ولا هو باقٍ عليه؛ لأنه لا يكون نسخاً إلا بشرائط يعتبرها أهل اللغة.
  والذي يدل على صحة ما قلناه: أن لفظ النسخ إذا ورد لم يسبق إلى فهمنا ما كان موضوعاً له في أصل اللغة من الإزالة في قولهم: نسخت الرياح آثار بني فلان، ولا النقل في قولهم: نسخت هذا الكتاب من اللوح إلى القرطاس، فإذا ثبت ذلك وثبت أنه لا يفهم من ظاهره ما كان موضوعاً له في الأصل علمنا أنه منقول إلى الشرع، وجرى مجرى لفظ الصلاة والزكاة والحج والصيام، وقد ثبت عند من خالف في هذه المسألة أن هذه الألفاظ منقولة إلى الشرع، وأنها لا تفيد على وجه الحقيقة ما كانت وضعت له في الأصل فيبطل قول من قال إنه باق لم ينقل.
  وأما قول من قال إنه مشبه بوضع اللغة: فلا ينكر ذلك، ولكنه بذلك لا يخرج عن كونه منقولاً، ألا ترى أن لفظ الصيام في الأصل يفيد الإمساك عن الحركة والكلام، وما نافاهما، وهو في الشريعة يفيد الإمساك عن الطعام والشراب وما شاكلهما في وقت مخصوص، ومشابهته لما وضع له في الأصل والحال هذه أبلغ من مشابهة لفظ النسخ في