صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في حد الإجتهاد الشرعي]

صفحة 290 - الجزء 1

  وأما العلّة في عرف الفقهاء: فهي ما أثرت في ثبوت حكم شرعي فإنما يكون الحكم شرعياً بأن يستفاد من جهة الشرع.

  فأما حكم القياس الشرعي: فهو ينقسم إلى كون الفعل قبيحاً وحسناً وواجباً، وكون فعله أولى من تركه، وكون تركه أولى من فعله، وهذا التفصيل ذكره شيخنا ¦ فاتبعنا أثره، واختيارنا فيه ما ذكره.

مسألة: [الكلام في حد الإجتهاد الشرعي]

  اختلف أهل العلم في حدّ الإجتهاد الشرعي.

  فحكى شيخنا ¦ أن الشافعي ذكر في الرسالة أن القياس والإجتهاد واحد.

  ومنهم من قال: الإجتهاد ما لا أصل له، والقياس ما له أصل، وهذا قول أبي الحسن.

  وذكر الحاكم أن المتكلمين قالوا: الإجتهاد ما اقتضى غالب الظن في الأحكام التي كل مجتهد فيها مصيب.

  وكان شيخنا ¦ يذهب إلى أن الإجتهاد يستعمل في معنيين: أحدهما أعم، والثاني أخص.

  فالأعم: هو بذل الجهد في معرفة الأحكام من جهة الإستدلال بالنصوص لا بظواهرها.

  وأما الأخص: فهو ما ليس له أصل معين بما تعرف به الأحكام الشرعية لا من جهة النصوص نحو قيم المتلفات، وأروش الجنايات، ومتعة المطلقات، قال: لأنه لا يمكن أن تحصل في ذلك طريقة يمكن الإشارة إليها، بل المرجع بذلك إلى أمارات من عادات الناس وغيرها، وهي تختلف بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة.

  ومنهم من قال: الإجتهاد عبارة عن طريق سوى النص تثبت به أحكام الفروع، ويتضمن ضرباً من المشقة على وجه يسوغ الخلاف فيها، وهذا الحد هو الذي نختاره؛ لأن الإجتهاد الشرعي غير النص المقطوع عليه الذي يستفاد منه العلم بالأحكام؛ لأن الأحكام الشرعية المعلومة بالنص لا توصف بأن طريقها الإجتهاد، ومخالفه أيضاً من حيث