مسألة: [الكلام في إختلاف أهل العصر على قولين، هل يجوز إحداث قول ثالث أم لا؟]
  والذي نختاره أن انقراض أهل العصر غير معتبر في انعقاد الإجماع، ولا شرط في صحته، ولا في معرفته.
  والذي يدل على ما اخترناه: أن أدلة الإجماع لم تتضمن شرط انقراض أهل العصر، واعتباره بغير دلالة لا يصح.
  فإن قيل: إنهم مع بقاء أهل العصر لا يمتنع عليهم الإختلاف فلا يكون إجماعاً.
  قلنا: إن من خالف بعد الإجماع، وإن كان العصر باقياً لم يلتفت إليه، وكان محجوجاً بالإجماع السابق؛ لأنه يكون والحال هذه مخالفاً لسبيل المؤمنين وذلك لا يجوز، وكما أنه لا يجوز اعتبار انقراض عصرين كذلك لا يجوز اعتبار انقراض عصر؛ لأن كل واحد من الإعتبارين لا دليل عليه.
مسألة: [الكلام في إختلاف أهل العصر على قولين، هل يجوز إحداث قول ثالث أم لا؟]
  فأما إذا اختلف أهل العصر في المسألة على قولين، هل يجوز إحداث قول ثالث أم لا؟
  فحكى شيخنا ¦ أن الأكثر ذهب إلى أنه لا يجوز إحداث قول ثالث.
  وحكى عن بعض أهل الظاهر أنه أجاز إحداث قول ثالث.
  وذكر أن الشيخ أبا الحسين البصري ذكر أن اختلافهم على قولين إن كان في مسألتين نحو أن يقول بعضهم: جميع الطهارات تحتاج إلى نية، ويقول بعضهم: جميع الطهارات لا تحتاج إلى نية، فيقول قائل قولاً ثالثاً، وهو أن بعضها يحتاج إلى نية دون بعض، فإنه يجوز إحداث هذا القول الثالث عنده بشرطين:
  أحدهما: أن لا يحصل إجماع الأمة على أن لا فرق بين المسألتين اللتين فرق هذا الثالث بينهما.
  والثاني: أن لا ينتظمهما طريقة واحدة تمنع من الفرق بينهما.
  وإن كان اختلافهم في مسألة واحدة، مثل مسألة الجد مع الأخ، لم يجز إحداث قول ثالث، وكان ¦ يذهب إلى هذا القول ويحتج له، وهو الذي نختاره.