صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أن القياس دين مأمور به]

صفحة 312 - الجزء 1

  على أنه # لم يتعبد في الشرعيات بشيء من ذلك، وإن كان ذلك يجوز من جهة العقل كما قدمنا.

مسألة: [الكلام في أن القياس دين مأمور به]

  اختلف أهل العلم في القياس هل هو مأمور به ودين، أم ليس مأمور به ولا هو دين؟

  فذهب قوم إلى أنه لا يوصف بذلك.

  وذهب قوم إلى أنه دين، وأنه مأمور به، وهو الذي نختاره، وكان شيخنا ¦ يذهب إلى أنه مأمور به ودين من جهة المعنى لا من جهة اللفظ، على معنى أن الله تعالى نصب عليه الأدلة والأعلام.

  وكان يحكي عن الشيخ أبي الهذيل أنه منع أن يطلق عليه اسم دين الله تعالى، قال: لأن اسم دين الله لا يقع إلا على ما هو ثابت مستمر.

  وكان أبو علي يصف ما كان منه واجباً بذلك وبأنه إيمان دون ما كان منه ندباً.

  وقاضي القضاة يصف بذلك واجبهُ وندبهُ، وذلك اختيار القاضي شمس الدين ¥ وأرضاه، وكان شيخنا ¦ يعتمد ذلك، ويحتج له بأن الدين في الشريعة هو الإسلام، والإسلام في الشريعة هو الإيمان لا فرق بين شيء من ذلك، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}⁣[آل عمران: ٨٥]، فلو كان الدين والإيمان غير الإسلام لم يصح قبولهما من فاعلهما، ومعلوم أنهما مقبولان بالإتفاق، فثبت أن الإيمان والإسلام والدين ألفاظ تتعلق في الشريعة على معنى واحد، وموضع تفصيل هذه الجملة هو أصول الدين.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه من أن القياس دين الله تعالى، وأنه مأمور به: قول الله سبحانه: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}⁣[الحشر: ٢]، وما شاكلها من الآي التي فيها ذكر الإعتبار.

  وجه الإستدلال بهذه الآية: أن الإعتبار معناه ومعنى القياس واحد بدلالة أنك لا تقول: قست الأمر بالأمر، ولم أعتبر أحدهما بالآخر، ولا اعتبرت أحدهما بالآخر، ولم