مسألة: [في بيان من هو الصحابي]
  فإن ثبت أن قوله: قد أجزت لك أن تروي عني إقرار من جهة العادة أنه سمع ما صح عنه، فحكمه حكم المناولة.
  واعلم أنا نقلنا هذا الفصل من كتاب شيخنا ¦ كما وجدناه مرسوماً في كتابه المسمى (الفائق) من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن السماع على تنوعه أصلُه العادة والعرف؛ لأنهما يكشفان عن الأغراض، وإن كان الأمر في أصل اللغة خلاف ما نطقا، فكما جاز لنا ننطق ونروي عن الفارسي بالعربية إذا قصد بلفظه الفارسي، كذلك نروي عن الشيخ بأي معنى ودى إلينا العلم بأنه سمع الخبر وأباح لنا روايته عنه كما نجده، سواء كان ذلك من باب قراءته لنا، أو قرائتنا عليه، أو مناولته لنا، أو إشارته، أو إجازته، أو خطه، وهذا يأتي على ما تقدم من التفاصيل، فاسْبُرها تُصِب إن شاء الله تعالى.
مسألة: [في بيان من هو الصحابي]
  الصحابي: من اختص بملازمة النبي ÷ والأخذ عنه، وهو الذي نختاره لا من لقيه مرة أو مرتين كما ذهب إليه كثير من أصحاب الحديث.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن الصحابي مأخوذ من الصحبة، والصحبة هي العشرة والمحبة في اللغة والعرف، بدلالة أنه لا يسبق إلى فهم السامع إذا قيل فلان صاحب لفلان إلا ما ذكرنا، فثبت أن ذلك معناه في اللغة والعرف، ولأنه لو عاشره ولكنه لا يحبه، ولا يقبل منه، ولا يلتفت عليه، لم يوصف بأنه صاحب له، فإذاً اسم الصحبة بجميع الأمرين.
مسألة: [الطريق إلى إثبات الصحابي صحابياً]
  اعلم أن الصحابي هو من قدمنا ذكره في المسألة الأولى والطريق إلى إثباته صحابياً وجهان:
  أحدهما: يوجب العلم لا محالة، وهي الأخبار المتواترة.
  والثاني: يوجب غالب الظن في أغلب الأحوال.