مسألة: [الكلام في الراويين إذا أرسل أحدهما وأسند الآخر]
  وروي عنه أنه روى أن رسول الله ÷ قال: «من أصبح جنباً فلا صوم له» ثم أسنده بعد ذلك إلى الفضل بن العباس.
  وأمثال هذا كثير يعلمه من تصفح آثارهم بدلالة أن الراوي كان إذا روى لهم عن النبي ÷ لم يطالبوه بالإسناد، ولأن ابن عباس لما روى لهم هذه الأخبار لم ينكروا عليه إرساله، وذلك معلوم منهم على الحد الذي علمنا منهم العمل على خبر الواحد.
  وأما أن إجماعهم حجة فسيأتي بيانه في بابه إن شاء الله تعالى.
  ودليل آخر: وهو أن إرسال الراوي لما رواه جارٍ مجرى تعديله لمن روى الخبر عنه، ولا شك أن تعديله لمن روى الخبر عنه يوجب قبول خبره، فكذلك إرساله.
  أما أن إرساله لما رواه جارٍ مجرى تعديله لمن روى الخبر عنه: فلأن تحسين الظن به يقضي بذلك؛ لأنه لا يقول قال رسول الله ÷ إلا فيما يقطع على صحته، فكأنه يقول: أخبرني فلان وهو ثقة عندي، مرضي لدي.
  وأما أن تعديله لمن روى الخبر عنه يوجب قبول روايته: فذلك مما لا خلاف فيه.
مسألة: [الكلام في الراويين إذا أرسل أحدهما وأسند الآخر]
  أحد الراويين إذا أسند وأرسل غيره لم يقدح ذلك في عدالته، وخالف في ذلك بعض الشافعية.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن إرسال غيره لا يقدح في عدالته ولا في ضبطه، فوجب قبول خبره مع ذلك.
  أما أنه لا يقدح في عدالته ولا في ضبطه؛ فذلك ظاهر؛ لأنه فعل ما يجوز له فلم يقدح ذلك في عدالته إن لم يزدها قوة؛ لأنه إذا ذكر من روى له على بعض الوجوه كان أبعد من التهمة.
= (١٥٣٩)، ومسند أحمد (٢/ ٢) رقم (٤٤٥٣)، وصحيح ابن حبان (٧/ ٣٤٧) رقم (٣٠٧٨) وسنن البيهقي الكبرى (٣/ ٤١٢) رقم (٦٥٣٦)، وجلاء الأبصار للحاكم الجشمي ¦.