صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في خبر الواحد متى يعمل عليه]

صفحة 183 - الجزء 1

  وكان يهدر الجنين لولا خبر حمل بن مالك أن رسول الله ÷ (أوجب فيه الغرة عبداً أو أمة).

  وكل هذه أخبار آحاد، ولما اختلف الصحابة في وجوب الغسل من التقاء الختانين رجعوا إلى أزواج النبي ÷، وهذه الأخبار، وإن كان كل واحد منها لا يصح فيه دعوى التواتر، فإن مجموعها متواتر على سبيل الجملة، ويكون ذلك بمثابة الإخبار عن سخا حاتم، وشجاعة عنتر، فإنا وإن رويت لنا تفاصيل جودة أحدهما وشجاعة الآخر على وجه لا يصح دعوى التواتر في تفاصيلها، فقد صارت الجملة متواترة، وكذلك وقعات النبي ÷ كبدر وغيرها كل ما جرى من حوادثها لا يبلغ حد التواتر، وجملتها ومجموعها متواترة.

  وهكذا حال دعوانا في الإجماع على العمل على خبر الآحاد فإنا وإن لم نعلم بكل خبر على انفراده مما ذكرنا من الأخبار أن الصحابة عملت عليه ورجعت له عن غيره، فقد علمنا على سبيل الجملة أنهم رجعوا إلى أخبار الآحاد وتعرفوا منها قضايا الحوادث وأحكامها، فصح ما ادعيناه في هذه المسألة من ورود التعبد بخبر الواحد من الطرق التي ذكرنا.

مسألة: [الكلام في خبر الواحد متى يعمل عليه]

  كان الشيخ أبو علي ¦ لا يقبل في باب المعاملات والعبادات إلا خبر الإثنين، ولا يقبل في باب الزنا إلا خبر الأربعة، وظاهر هذا القول كما ترى يدل على أنه ألحقه بباب الشهادة، وأحسب أن شيخنا ¦ ذكر لنا ذلك عنه في التدريس.

  قال شيخنا ¦: وكان لا يعمل على خبر الواحد إلا إذا وقع على وجوه:

  أحدها: أن يعمل به بعض الصحابة، أو يكون منتشراً فلا ينكر، أو يعضده ظاهر معلوم، أو يؤيده قياس.

  واتفق أكثر القائلين بجواز العمل على خبر الآحاد على قبول خبر الواحد وإن لم يروه غيره.