صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في المطلق والمقيد]

صفحة 86 - الجزء 1

  الشرط يرجع إلى جميع ما تقدم بالإتفاق، فكذلك الإستثناء المطلق؛ لأنه قد شاركه في أن كل واحد منهما يُخْرِجُ من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته، وفي أن كل واحد منهما لا يفيد بنفسه وإنما يفيد بانضمامه إلى غيره.

مسألة: [الكلام في المطلق والمقيد]

  المطلق والمقيد إذا وردا لم تخل الحال فيهما من ثلاثة أوجه:

  [١] إما أن يردا في حكم واحد فهذا مما لا خلاف فيه أن المقيد يخص المطلق سواء كان متصلاً أو منفصلاً، فالمتصل كقوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}⁣(⁣١) أو: {تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}⁣(⁣٢) [النساء: ٩٢]، في كفارة القتل.

  والمنفصل: كقول النبي ÷: «في خمس من الإبل السائمة شاة»⁣(⁣٣) فقيّدها بالسوم.

  [٢] وإما أن يردا في حكمين مختلفين غير جنسين فلا خلاف أيضاً أنه لا يحمل أحدهما على الآخر كتقييده الزكاة وإطلاقه الخمس.

  [٣] وإما أن يفصل المطلق عن المقيد ويكونا في حكمين مختلفين إلا أنهما من جنس واحد نحو تقييده الرقبة بالإيمان في كفارة القتل، وإطلاقها في كفارة الظهار، وهذا الذي وقع فيه الخلاف بين العلماء:


(١) يعني أن الله سبحانه وتعالى قيد صيام الشهرين في كفارة القتل والظهار بوجوب المتابعة بين صيام أيام الشهرين.

(٢) أي أن آية العتق في كفارة القتل قيدت عتق الرقبة بكونها مؤمنة، وليس المراد من هذا المثال أنه حمل كفارة الظهار على القتل فإن الحكم سيأتي فيها.

(٣) هذا الحديث مقيد للحديث السابق وهو: «في خمس من الإبل شاة»، فإنه مطلق في السائمة والمعلوفة وهذا الخبر قيد وجوب الزكاة في السائمة فقط حتى يكون المقيد منفصلاً، والله أعلم.