مسألة: [الكلام في اختلاف العلة والحكم تغليظا وتخفيفا]
  وقد ذكر شيخنا ¦ أن تعذر تعديها وإجراء الحكم عليها يكون فائدة يخرجها عن العبث وذلك لا يصح؛ لأن تعذر تعديها هو بعينه الموجب لتعريها عن الفائدة فكيف يكون هو الفائدة؟ هل هذا إلا كقول من يقول: إن تَعَرِّي الشيء عن غرض مثله وتميزه بذلك فائدة تخرجه عن باب العبث، فكما أن ذلك لا يجوز كذلك هذا.
  فأما ما ذكره ¦ من أن ذلك لا يخلو، إما أن يكون المنع منه لأنها لم تتعد إلى فرع مختلف فيه، أو لأنها لم تتعد إلى فرع أصلاً، ثم فرع الكلام على هذين النوعين، فقد بيّنا أن المنع من ذلك بغير هذين الوجهين، وهو أن القائل بذلك سلك غير طريق الصحابة في القياس، وذلك لا يجوز، ولأن العلة التي لا تتعدى يمكن الإستدلال بها على نقيض ما دلت عليه وقلبها وذلك يقضي بفسادها على ما يأتي بيانه.
مسألة: [الكلام في اختلاف العلة والحكم تغليظاً وتخفيفاً]
  اعلم أن العلة قد تكون حكماً شرعياً ويكون حكمها أيضاً شرعياً؛ فإذا اختلف موضوعها، وموضوع حكمها، فكان أحدهما مبنياً على التغليظ، والثاني على التخفيف، هل يكون ذلك أمارة تقتضي أن لا تعتبر أحدهما بالأخرى أم لا؟
  فالأولى عندنا: أن الدليل إذا قام على صحتها وأمكن العمل باشتراك الفرع والأصل في علة الحكم، وأنها مؤثرة فيهما معاً جاز اعتبار أحدهما بالآخر، وإنما الكلام في أن الدليل على ذلك هل يوجد أم لا؟ وذلك يخرج إلى كشف المسائل والكلام فيه ما قلنا.
مسألة: [الكلام في أنه هل يجوز إثبات الأسامي بالقياس أم لا؟]
  اختلف أهل العلم في أنه هل يجوز إثبات الأسامي بالقياس أم لا؟
  فمنهم من جوزه مطلقاً، وذلك قول جماعة من أصحاب الشافعي منهم أبو العباس بن سريج.
  ومنهم من منع من ذلك على الإطلاق وذلك طريقة أصحاب أبي حنيفة.
  ومنهم من فصل القول في ذلك، فقال: لا يجب ابتداء الأسامي بالقياس.