صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الأمر هل يدل على القضاء أم يحتاج إلى دليل آخر؟]

صفحة 61 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في الأمر هل يدل على القضاء أم يحتاج إلى دليل آخر؟]

  الأمر الموقت إذا لم يفعل فيه فمذهبنا أنه يحتاج في وجوب قضائه إلى دليل ثان.

  ومن الناس⁣(⁣١) من يقول إنه يُفعل بحكم الأمر الأول، وكذلك عقيبه أبداً.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن الفعل إذا وقت بوقت اقتضى فعله في ذلك الوقت وما يفعل بعده لا يتناوله الأمر، فاحتاج إلى دليل ثان.

  مثال ذلك: ما نعلمه من أن أحدنا إذا قال لخادمه: إذا كان وقت الظهر فاسقني الماء، ثم وقف إلى وقت المغرب، ثم أتاه بالماء لم يكن ممتثلاً للأمر عند أهل اللسان العربي بل يكون مخالفاً لمقتضى الأمر، ولأنه لا يمتنع في العقل أن يتعلق صلاح المتعبد بفعله في ذلك الوقت دون غيره فلا يلزمه القضاء من جهة الظاهر، كما ثبت مثله في صلاة الجمعة.

  ومثال المسألة في الشرع: قوله سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}⁣[الإسراء: ٧٨]، فإن من لم يقم الصلاة بين هذين الوقتين يحتاج في الإتيان بها بعد ذلك إلى دليل ثان، وقد ورد وهو قوله ÷: «من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها»⁣(⁣٢)، وغير ذلك من الأدلة.

مسألة: [الكلام في الأمر هل يكون مجزئاً متى فعل أم لا؟ وفي معنى الإجزاء]

  ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الأمر بظاهره يقتضي كون المأمور به مُجْزِئاً متى فُعِل، واختلف شيوخنا في جواز هذا الإطلاق، وهو مذهب الشيخ أبي الحسين البصري، واختيار القاضي شمس الدين ¥.


(١) وهم الحنابلة وبعض الحنفية منهم أبو بكر الرازي. تمت شرح غاية.

(٢) أخرجه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد ونحوه في الجامع الكافي عن علي #، وأخرجه البخاري في المواقيت (٢/ ٨٤) رقم (٥٩٧) ومسلم في المساجد (١/ ٤٧٧) رقم (٣١٤، ٦٨٤)، والطبراني فيالأوسط (٤/ ٣٢٧) رقم (٦١٢٩).