صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في ترجيح العلة بما يرجع إلى حكمها في الأصل والفرع]

صفحة 350 - الجزء 1

  ثم الذي يعلم بالمشاهدة لا يخلو: إما أن يعلم أنه علة الحكم الشرعي أو لايعلم، والمظنون لا يخلو إما أن يظن بأمارة شرعية أو بأمارة عقلية، والشرعية لا تخلو إما أن تكون نصاً أو تنبيه نص أو إستنباطاً.

  فإن كانت العلة معلومة بالمشاهدة كالوزن، وكانت العلة الأخرى مظنونة كخروج الذهب والفضة عن حكم الموزونات لأنهما ثمن الأشياء، ولم يحصل العلم بأن الحكم الشرعي لازم لتلك العلة كانت العلة المظنونة إذا كان الطريق إليها شرعياً، وعلم أنها شرعية أولى من العلة المعلومة إذا لم يعلم معها الحكم الشرعي.

  فأما تمثيل شيخنا ¦ بأن يكون البر مكيلاً أو مطعوماً، وكون الوضوء طهارة عن حدث فبعيد التمثيل في هذا الباب؛ لأن الترجيح إنما يقع بين العلتين المتنافيتين على حكم واحد فتثبته إحداهما وتنفيه الأخرى فيرجح بينهما، ولسنا نرجح بين علّة الطهارة وعلة الربا، وإنما نرجح بين علتي الطهارة بالماء في وجوب النية، ولو طولنا الكلام في هذا الباب لطال إلا أن هذه الإشارة كافية لمن كان له في البحث والتوفيق نصيب، وهو أنك تعلم أن العمل على العلم أقوى إذا كان يفيد حكماً شرعياً؛ فإن لم يفد الحكم الشرعي لم يكن لكونه معلوماً من جهة العقل تأثير، وكان العمل على الظن المفيد للحكم الشرعي أولى؛ لأنا قد تركنا معلوم العقل لمظنون الشرع، ولا تأثير لعلم العلة ما لم يعلم تأثيرها في الحكم.

مسألة: [الكلام في ترجيح العلة بما يرجع إلى حكمها في الأصل والفرع]

  فأما ترجيح العلّة بما يرجع إلى حكمها؛ فهو ضربان:

  أحدهما: يتعلق بحكمها في الأصل.

  والآخر: يتعلق بحكمها في الفرع.

[ترجيح العلة بما يرجع إلى حكمها في الأصل]

  أما المتعلق بحكمها في الأصل، فهو ضربان: