صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في تخصيص الأخبار]

صفحة 101 - الجزء 1

  أما أنه لا يجب علينا اتّباعه في مذهبه فهو إجماع الكل، ولأن غيره يؤدي إلى وجوب اعتقاد المتضادات وفعل المتناقضات.

  وأما أنا لا نخص به العموم فلأنه على هذا الوجه لا يكون دلالة وتخصيص العموم بغير دلالة لا يجوز كما تقدم.

مسألة: [الكلام في تخصيص الأخبار]

  الذي عليه جماعة الفقهاء جواز تخصيص الأخبار كما ثبت مثله في الأوامر.

  وعند بعضهم لا يجوز ذلك، وفصلوا بين الأمر والخبر.

  والذي يدل على صحة المذهب الأول: أن التخصيص هو إخراج بعض ما تناوله الخطاب ولا مانع من وقوعه في الإخبار فجاز كالأوامر.

  ومثال المسألة: قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}⁣[الجن: ٢٣]، فإن عموم هذه الآية يقتضي دخول كل عاص لله ورسوله ÷ النار وخلوده فيها إلا أنا أخرجنا التائبين وأصحاب الصغائر من هذا العموم لأدلةٍ خصت هذا العموم من الكتاب والسنة وغيرهما من الأدلة، فصار عموم هذه الآية مخصوصاً كما ترى مع أنها من جملة الأخبار فصح ما قلناه.

مسألة: [الكلام في العموم إذا ورد بحكم ثم عقب ذلك بصفة أو ذكر يخص بعض الجملة دون بعض]

  ذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أن العموم إذا ورد بحكم من الأحكام متناول لما يفيده، ثم عقب ذلك بصفة أو ذكر يخص بعض الجملة دون بعض خص بها العموم، وحمل على أن المراد بها ذلك البعض دون جميعهم.

  وذهب جماعة الفقهاء وهو ظاهر قول شيوخنا رحمهم الله تعالى أنه لا يخص به العموم وهو الذي نختاره.

  وذلك في مثل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}⁣[البقرة: ٢٢٨]، أنه مخصوص بالمطلقة التي طلاقها رجعي دون المبتوتة لقوله تعالى: